في هذا التقرير نكشف لك أهم المبادرات والمشاريع البيئية في الدول العربية. لطالما سمعنا عن سعي عالمي للمحافظة على البيئة ومواجهة الاحتباس الحراري ومحاربة التلوث من خلال تحركات ومبادرات وفعاليات تقوم بها الدول الغربية والشركات العالمية. ونتساءل دائماً ما الذي تقوم به الدول العربية الغارقة دوماً في المشاكل والصراعات؟ هذا التقرير يكشف لك أنه، وبالرغم من كل المشاكل التي تعانيها منطقتنا، هناك عدد من البلدان العربية تعمل جاهدة للتوعية في هذا الإطار إن على صعيد الدولة أو بمبادرات فردية.
في السعودية: رؤية 2030
انطلقت رؤية 2030 للمملكة العربية السعودية منذ عام 2016 متضمنة 17 هدفاً نحو التنمية المستدامة، وذلك في سبيل تحقيق حياة أفضل على كافة الصعد، ولعل النمو السكاني والطفرة الصناعية والزراعية والحضارية التي تمر بها المملكة، جعل من موضوع البيئة والحفاظ عليها أمراً محتماً، وخصوصا فيما يتعلق بإدارة النفايات بمختلف أنواعها واستخدامها في مجال الطاقة، ويبرز هذا التوجه في تخصيص أربعة أهداف استراتيجية تدعم وترتبط بشكل وثيق بالحفاظ على البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية، حيث قامت الحكومة السعودية بإطلاق العديد من المشاريع والمبادرات لتعزيز أنشطة التخلص من النفايات وتحسين المسائل المتعلقة بإعادة تدويرها وتفعيل مفهوم الاقتصاد الدائري، وفي هذا التقرير الخاص تكشف لك ياسمينة عن أهم المبادرات والمشاريع التي قامت بها الحكومة والافراد والمؤسسات للحفاظ على البيئة والتوعية بها.
تحويل الفائض من الطعام إلى أسمدة عضوية
لزيادة فرص العمل والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة من مرادم النفايات وتحويلها إلى طاقة، أُطلق عدد من المبادرات الخاصة بإدارة النفايات أهمها مبادرة إدارة النفايات في مدينة الرياض ومدينة الجبيل، كما أطلقت مبادرة حفظ النعمة في المنطقة الشرقية بالشراكة مع جمعية "إطعام" وشركة تدوير متخصصة، وذلك للاستفادة من فائض الطعام المهدر وتحويله إلى أسمدة عضوية تصل طاقتها الاستيعابية إلى 6000 طن من الأسمدة سنوياً.
مبادرات ومشاريع للحفاظ على بيئة المشاعر المقدسة في موسم الحج
في أهم حدث سنوي للمملكة الا وهو موسم الحج، برزت جهود المملكة في الحفاظ على البيئة والحد من انتشار النفايات في مناطق المناسك، حيث تم تفعيل مبادرة "الحج الأخضر" في موسم حج 2018، التي تم فيها رسم خطة لإدارة النفايات، وتوعية الحجيج بالمخيمات وتعزيز السلوك الإيجابي للمساهمة في نظافة المشاعر المقدسة، إضافة للإشعارات المكتوبة بلغة كل مخيم، وشهد موسم الحج لهذا العام تطبيق جزئي لمبادرة "حج بلا بلاستيك" في عدد من المخيمات، إلى جانب تطبيق مشاريع أخرى صديقة للبيئة تهدف للتخلص من النفايات بطريقة علمية وحديثة.
مجموعة نبتة غير الربحية
برزت على الساحة العديد من النشاطات والمبادرات المجتمعية التي قام بها أفراد ومؤسسات ربحية وغير ربحية، كان من أهمها مجموعة "نبته" المعنية بقضايا البيئة ونشر الوعي في المجتمع المحلي وغرس القيم والسلوك البيئي الصحيح، إضافة إلى دعمها لأصحاب المبادرات وتطوير المنتجات، والاشراف على عمل دورات وورش عمل وفعاليات لتوعية الجيل الصاعد.
منتجات عصرية من مخلفات البلاستيك يقدمها مشروع "كيس شيك"
بطريقة مبتكرة وعصرية قررت دايان ريان مؤسسة مشروع "كيس شيك" الحفاظ على البيئة باستخدام المخلفات البلاستيكية، والقيام بإعادة تدويرها وصنع الكثير من الأشياء بها مثل الكراسي والحقائب وقواعد الأكواب، وباستخدام الأكياس البلاستكية كبديل عن الخيوط المعتادة وذلك بعد أربع مراحل من الجمع والفرز والغسل والتجفيف ومن ثم القص ، لتتمكن من ضرب عصفورين بحجر واحد من خلال استغلال المواهب الحرفية للصناعة اليدوية والحفاظ على البيئة في الوقت ذاته، لتنتج أشكال عصرية يتم تسويقها عن طريق الموقع الالكتروني الخاص "بكيس شيك". ولم يقتصر التحول على مجال الموضة فقط بل ان الوعي البيئي أصبح توجّهاً يواكب عالم الجمال ويستقطب اهتمام شركات التجميل العالمية.
صرخة بحر مبادرة من غواصي جدة لحماية البيئة البحرية
عندما نتكلم عن التلوث البيئي لا بد أن يتبادر الى ذهننا صورة البحر الذي تغمره المخلفات بشتى أنواعها، ليتم تغيير هذا الوضع من خلال استدراك هذا الخطأ الفادح ومعالجة السلوك المستهتر بالبيئة البحرية من خلال التوعية وحملات تنظيف البحر من المخلفات، ومن الحملات التطوعية التي ساهمت في ذلك كانت حملة وفعالية "صرخة بحر" التي أطلقها مجموعة من الغواصين بمدينة جدة لتنظيف الأعماق من المخلفات والقمامة، وتشير الكابتن سوسن القحطاني إحدى المشاركين بهذه الفعالية أنها بدأت في نشاطات تنظيف البحر منذ زمن بعيد، وجاءت هذه المبادرة منذ عامين لتنظم عملية تنظيف البحر بشكل دوري لإبقاء البحر نظيفاً، وتجد القحطاني أن هناك دعماً جيداً من قبل المؤسسات والشركات لنشاطهم كما أن هناك دعماً إعلامياً جيداً لتغطية حملاتهم التطوعية، وتتمنى أن يتم تسليط الضوء أكثر وبصورة أوسع إعلاميا، كما تتمنى أن يتم نشر الافتات والتحذيرات التي تمنع رمي المخلفات على الشواطئ، لما يخلفه هذا السلوك من دمار للبيئة البحرية وقتل للشعب المرجانية وهروب الأسماك.
السيارات الكهربائية مستقبل لبيئة صحية
تعد أبخرة وقود السيارات من أهم العوامل المؤثر على البيئة، والتي أصبح هناك وعي عالمي بأضرار استخدام الوقود للسيارات، ليتم في السنوات الأخيرة تصنيع الكثير من السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة، فالمرأة السعودية لا تقود السيارات فقط بل تصنعنها وخاصة الكهربائية منها. وتنوه المهندسة الميكانيكية وأحد أعضاء فريق جامعة الفيصل لتصنيع السيارات الكهربائية أمجاد العمري، أن هناك توجه واضح من المملكة لهذا النوع من السيارات الصديقة للبيئة، وذلك من خلال استثمارها في عدد من أهم الشركات العالمية المصنعة لهذه السيارات مثل "Tesla"، كما أن هناك تطور واضح في نظرة المجتمع تجاه هذا النوع من السيارات وهذا ما يشكل بيئة حاضنة لقيام مصانع سعودية لتصنيع السيارات الكهربائية.
في الإمارات: مدينة مستدامة
تتمتع الامارات بوعي كبير في الامور البيئية وبما أنها سباقة على صعد عدة لم يكن موضوع البيئة مختلفاً فقد أسست منشأة للطاقة الشمسية في دبي، تعد الأكبر في العالم، سوف تكون قادرة، عند اكتمالها، على تفادي انبعاث كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون. وبالرغم من أنها تولي عمليات التدوير اهتماماً كبيراً وتقوم بتدوير كميات هائلة من المخلفات البلاستيكية في المطار إلا أنها اتخذت القرار أخيرا بحظر المنتجات البلاسيكية المعدة للاستخدام مرة واحدة في مطار دبي على أن يبدأ التطبيق في بداية 2020. وتقدم الحكومة الاماراتية الحوافز لتشجيع انتشار السيارات الكهربائية لما تخفف من سلبيات استخدام الوقود وتعمل على زيادة أعدادها محاولة أن ترفع نسبتها بين المركبات المستخدمة على طرق الإمارات. على بعد 25 كلم من دبي تجربة ناجحة هي ثمرة للرغبة باحداث تغيير ايجابي، واحة تبرز كمركز مزدهر للأشخاص والعائلات المتحمسة للبيئة. مدينة مستدامة لا هدر فيها يعيش فيها 3000 نسمة حث تغطي الالواح الشمسية أسطح المنازل. كما أن المشاريع والأعمال المستدامة تسيطر على هذه المدينة فمثلاً يستعمل البلاستيك المعاد تدويره في مشروع أزياء سباحة صممت لعلامة جوزف أند الكسندر. فالموضة المستدامة هي المفتاح من أجل إحداث تغيير ونشر الوعي حول أهمية الأستدامة كما أن الموضة المستدامة هي المستقبل وإليك الأسباب. وسيركز العام المقبل معرض دبي 2020 على موضوعات الاستدامة والهدف التوصل إلى إعادة استخدام 85% من النفايات. وهذه المدينة المثالية ليس الوحيدة إذ يمكنك التعرف أيضاً على أفضل 5 مدن مستدامة منها في الدول العربية ومنها في الغرب.
في مصر: حملات وتوعية
تحتفل مصر سنوياً في شهر حزيران بيوم البيئة مطلقة مشاريع هادفة. "من أجل هواء نظيف" هي احدث الحملات البيئية في مصر. وتضمنت الحملة عدداً من الندوات وورش العمل حول كيفية التقليل من تلوث الهواء عبر إعادة تدوير المخلفات والتشجير ودور المواطن المهم في هذا المجال وطرحت الدولة مشروعات عدة للمحافظة على البيئة :استخدام الطاقة البديلة والترشيد وإعادة التدوير واستراتيجية للتخلص من المخلفات وخطة كبرى لزراعة مليون شجرة.
كما تستعد إحدى شركات السيارات في مصر لإنتاج سيارة كهربائية بنهاية العام الحالي. أما منتدى القاهرة للتغير المناخي فيجمع خبراء عالميين في مجال البيئة والتغير المناخي والطاقة المتجددة لرفع وعي الجمهور حول هذه القضية ويناقش في دورته 61 تحديات الصحافة في عصر هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي على إيصال المعلومة الصحيحة والعلمية.
لبنان: حملات أونلاين وأوفلاين
الحملة الوطنية وحملة الأزرق الكبير، مبادرتان وطنيتان لتنظيف الشواطئ اللبنانية بمشاركة رسمية ومتطوعين لتخليصها من غزو البلاستيك وغيره من النفايات على طول الشاطئ اللبناني. وقد اطلقت الحملة الوطنية هذه السنة بالتوازي مع حملة على مواقع التواصل الاجتماعي حملت هاشتاغ #نظف _سمعتنا شارك فيها عدد كبير من المشاهير والشعب على حد سواء. أعفت الدولة اللبنانية السيارات الكهربائية من الرسوم الجمركية في خطوة تشجيعية تندرج ضمن التزام لبنان بتخفيض الانبعاثات بحدود 30% مع حلول 2030. وتقوم بعض المتاجر حاليا في لبنان باعتماد أكياس القماش ولكن استخدامها يبقى اختيارياً حسب وعي المستهلك. وفي مبادرة فردية قامت بلدية جبيل/بيبلوس وهي إحدى أقدم المدن في العالم باعتماد أكياس ورقية قابلة للتحلل أو من القماش وتغريم كل من يستعمل الأكياس البلاستيكية فيها.
المشاكل البيئية أكثر وأكبر بكثير من المبادرات الصغيرة القائمة ولكن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة. بعض الدول العربية سبقت غيرها، والبعض الاخر يرزح تحت أثقال كثيرة تمنعه من العمل أكثر على الموضوع البيئي الذي من المفترض أن يكون أولوية. على أمل أن تزيد الخطوات وتتسارع لننقذ مستقبل أولادنا.
