أمس كان حزيناً فالأسطورة والملهم الأكبر في عالم الموضة، كارل لاغرفلد فارق الحياة عن عمر 85 سنة تاركاً خلفه أرشيفاً رائعاً وغنياً بأجمل الإبداعات والتصاميم، أرشيفاً أقلّ ما يمكن القول عنه أنه ركيزة أساسية في عالم الموضة، ركيزة يمكن أن تشكّل نظرة تقدّمية ومستقبليّة فالقيصر كما كان يلقّب امتلك دائماً نظرة استباقيّة ومتطوّرة واستناداً إلى ذلك نجح في جعل علامة CHANEL الرائدة دائماً.
لا معنى أن نتكلّم عنه فالجميع يعلم ومتّفق على أنّه كان القيصر، الأسطورة والسيّد والأساس ولكن لا بدّ من جولة نعود بها إلى بعض المحطّات المميّزة التي قدّمها خلال سنواته العديدة منذ 1983 مع CHANEL.
قبل ذلك، لا بدّ من العودة قليلاً إلى ما قبل ذلك والإشارة إلى بدايات لاغرفلد الفعليّة مع دار كلوي حيث اكتسب خبرة واسعة في التصميم فحينها كان المصمّم التنفيذي منذ عام 1969 حتى عام 1983 ليصبح من بعدها حامل راية كوكو شانيل ومن ثمّ الشريك الأساسيّ وراء إبداع فندي والمبتكر لفندي Fourrure وصاحب علامة تحمل اسمه الخاصّ. أيضاً وبعيداً عن دوره كمصمّم إبداعيّ تنفيذيّ، اشتهر لاغرفلد بحبّه للتصوير وعمله كمصوّر محترف حيث كان وراء العديد من حملات CHANEL وفندي الإعلانيّة. كذلك، لا بدّ من القول أنه كان مكتشف المواهب وتحديداً في عالم عرض الأزياء، فكلّ عارضة أزياء مشت في عرضه، عرفت من بعدها شهرتها وانطلقت في هذه المهنة من بابها العريض وهذا ما جعل مقابلته حلم كلّ امرأة، كلّ عارضة أزياء وطبعاً كلّ صحافيّة موضة ومن عمل في هذه المهنة.
بالعودة إلى أجمل اللحظات، نبدأ مع بداياته حين كانت إيناس دو لا فريسانج تتألّق في عروض أزيائه وهل ننسى إطلالتها عام 1987 أو إطلالة Christy Turlington عام 1992؟
أيضاً، نسترجع إطلالة ناعومي كامبل في عرض الهوت كوتور من عام 1989 حين ارتدت جاكيت CHANEL التاريخيّة والتي تميّزة بأزرار العلامة الكبيرة وكذلك إطلالة كيت موس في إحدى عروض الأزياء الراقية وهي متألّقة كذلك بسترة CHANEL التويديّة والتي لطالما أدخلها لاغرفلد في عروض أزيائه والذي طوّر قصّاتها وأسلوبها محافظاً عليها كميزة أساسيّة تعكس DNA العلامة الفرنسيّة وتاريخ مؤسّستها، كوكو شانيل.
وكما ذكرنا أعلاه، كان لاغرفلد فعلاً المفتاح لإطلاق اسم أيّ عارضة أزياء وجعله اسماً مشهوراً فكلّ من سيندي كروفرد وكلوديا شيفر مشتا في عروض أزيائه ومن بين إطلالاتيهما نتذكّر إطلالة كروفرد عام 1994 مع الجينز وحزام السلاسل بأسلوب الضفائر وإطلالة شيفر بالفستان الزهري المنسدل مع زهرة الكاميليا كبروش في الوسط.
أيضاً وعندما نتكلّم عن لاغرفلد، فهذا يعني أنّنا نتذكّر طبعاً الديكور الفخم والضخم والرائع الذي كانت تتميّز به عروض CHANEL والمواضيع المميّزة التي كان يختارها فنرى صاروخاً وسط منصّة العرض أحياناً أو سفينة أو حتى سوبر ماركت أو مقهى وكلّ ذلك كان يحدث في القصر الكبير في باريس الذي يتحوّل من متحفٍ إلى مكان يختار كارل ليعكس شيئاً معيّناً يعني أو يجسّد رمزاً من رموز الدار.
أيضاً واستناداً إلى نظرة كارل المستقبليّة والتي لطالما تميّز بها وفكره المتحرّر، كان دائماً يقوم ببعض الخطوات الجريئة والسبّاقة والتي تهدف إلى إيصال رسالة اجتماعيّة معيّنة قد تكون خاصّة بالمرأة أو عدم المساواة بين الجنسين أو أيّ موضوع اجتماعيّ آخر وهل ننسى إطلالة عارضة الأزياء الحامل والتي اختارها كارل أن تكون عروساً لعرض أزيائه؟
إلى جانب ذلك طبعاً، تأتي الأكسسوارات من حقائب وأحذية ومجوهرات لتؤكّد على مدى إبداع الراحل الأسطورة حيث كان يفاجئنا كلّ موسمٍ وفي كلّ عرض بقطعة مميّزة وملفتة وهل ننسى مثلاً حقيبة الـ Hoola Hoops الضخمة من عام 2012؟
طبعاً وكما قلنا، كان للاغرفلد الفضل الأكبر أيضاً في إطلاق مسيرة أهمّ عارضات الأزياء وتحديداً عارضات أزياء العصر ومنهنّ بيلا حديد وجيجي حديد وكيندال جينر وقبلهنّ كارا ديليفين التي أصبحت بعد ذلك صديقة العلامة.
وجيجي حديد أيضاً
وإلى صفوف عروض أزيائه الأوّلية، ننتقل لنسلّط الضوء على مدى تميّزها دائماً وضمّها لأهمّ الأسماء التي لطالما اعتبرت من دائرة أصدقاء العلامة والمفاجأة كانت أحياناً في اختياره لتلك الأسماء وأجددها باميلا أندرسون التي فاجأت الجميع في عرض ربيع وصيف 2019 للأزياء الجاهزة.
أخيراً وختاماً، يبقى أن نشير إلى خليفة كارل لاغرفلد رغم قناعتنا من أنّ لا يمكن لأحد أن يخلفه فهو أسطورة لا مثيل لها ولن تتكرّر إنما من سيستلم المنصب من بعده، امرأة تدعى Virginie Viard وقد عملت إلى جانبه كيده اليمنى لحوالي 30 سنة فهل تنجح مثله؟ الأيام كفيلة بالإيجابة عن ذلك وإلى حين ذلك نقول، كارل لاغرفلد أسطورة لن تتكرّر!
