رحلة النجاح ليست سهلة على الإطلاق، فغالبا ما يرى من حولنا النتيجة النهائية للكثير من الضغوطات والصعوبات لأي شخص يحاول السير في طريق أحلامه والسعي وراء أهدافه، ولهذا إذا نظرنا بعمق أكثر لنجاحات المشاهير سيدهشنا مع سنرى ونقرأ! فخلف كوكو شانيل قصص حزينة جعلت منها إمرأةلا تتكرر في عالم الموضة، وهي ليست الوحيدة.
بالحديث عن رحلة ومعاناة مصممي الأزياء، نجد أنّ هذه النجاحات كانت وليدة لحظات صعبة، وحياة مريرة، فالسعادة والراحة لم تأت بسهولة، بل مروا بالكثير من الصعوبات ليصلوا إلى ما حقّقوه، ولعلّ ما يلفت هو تأثير هذه الصعوبات على إبداعاتهن.
غابريال شانيل حياة الملجأ الصعبة كانت مصدر إلهام لدار الأزياء العريقة
حياة غابريال شانيل الاسم الحقيقي لـ كوكو شانيل Coco Chanel، لم تكن عادية إطلاقاً، فقد جاءت المصممة الأسطورية حياة متواضعة للغاية، إذ كانت واحدة من ستة أطفال، وكان والدها يعمل بائعًا متجولًا في الشوارع وكانت والدتها فلاحة، ونظرًا لأن حياة الفقراء لم تكن موثقة جيدًا في ذلك الوقت، فلا يُعرف الكثير عن السنوات الأولى لغبريال.
عندما توفيت والدتها بمرض السل في سن الثانية عشرة، أرسل والدها شقيقيها للعمل في مزرعة، وأرسل غبريال وشقيقتيها للعيش في دار للأيتام يديرها دير ، وهناك تعلمت فن الخياطة ، وقد يفسّر لنا ذلك جمال اختيارات اللون الأبيض والأسود الصريح في أزياء العلامة الفرنسية، التي كانت أقرب لأزياء الراهبات، والتي تعتبر مصدر إلهام قوي لها.
عندما بلغت غبريال 18 عامًا، غادرت دار الأيتام، حيث عملت كخياطة ومغنية في أحد الملاهي الليلية كي تدعم نفسها مادياً، وعلى الرغم من أنها لم تكن مغنية موهوبة بشكل خاص، إلا أنها اشتهرت بأداء “Ko Ko Ri Ko” و”Qui qu’a vu Coco dans l’Trocadéro؟”، وكان يبدأ الجمهور الصراخ بـ “كوكو” ومن هنا حصلت على هذا اللقب، ولكن هل كانت تتوقع أن هذا الاسم سيصبح واحداً من أكبر علامات الأزياء في العالم؟؟
غبريال كانت أول من ابتكر فكرة حقيبة اليد التي تُحمل على الكتف، حيث كانت في السابق يتم حملها في اليد، وتبدو مرهقة في بعض الأحيان، فقد صممت حقيبتها الأولى في عام 1929، ولكن حقيبة اليد المحمولة في فبراير 1955 ولهذا لقبت بحقيبة كوكو 2.55.
واشتهرت حقيبة كوكو شانيل باليد المعدنية مع سلاسل Chain والتي يُقال أن غابريال استوحتها من فكرة سلاسل المفاتيح التي كانت تشاهدها في يد الراهبات في ملجأ الأيتام، علاوة على بطانة الحقائب باللون الأحمر، والتي كانت مستوحاة أيضاً من ألوان ملابس الزي الرسمي التي كانت ترتديه كوكو شانيل في المدرسة هي وزميلاتها.
وقد نرفع لهذه التفاصيل الشيقة القبعة، والتي جعلت كوكو شانيل بدلاً من أن تستلم للفقر وحياة الملجأ، تجعلها نقطة تحوّل في حياتها، وفي عالم الأزياء ككل. ونشير هنا الى حقائق غريبة عن كوكو شانيل لم نعرفها من قبل
تخلّي والدي أوليفييه روستينغ عنه وتعرضه لحادث مُروع أنتج أجمل التصاميم
كانت حياة المدير الإبداعي لدار بالمان Balmain أوليفييه روستينغ Olivier Rousteing مليئة أيضاً بالصعاب، فقد تخلى عنه أهله منذ ولادته حيث تركته والدته الصومالية ووالده الإثيوبي بعد ولادته مباشرة في دار أيتام وهو عمره 7 أيام فقط في مدينة بوردو الفرنسية.
تم تبني أوليفييه روستينفغ بعد خمسة أشهر من تواجده في الدار، والغريب في الأمر بحسب حوارات أوليفيه الصحفية، أن والديه بالتبني أصرا على اختياره رغم بشرته السمراء، وهذا أمر كان غير شائع في فترة الثمانينيات، خصوصا في مدينة محافظة مثل بوردو.
وعاش أوليفييه طفولة مميزة حيث كان والديه من الطبقة الثريّة، ورغبا في تعليمه الرياضيات أو أي مواد علمية، إلا أن جدته هي من كانت تهتم بالموضة، حيث كانت تأخذه معها إلى النادي، وكانت دوماً أنيقة وترتدي من ماركات فاخرة، ومن هنا بدأ حبه لهذا المجال، وربما لو لم يتم التخلي عنه من قبل والديه البيولوجيين لم يكن أوليفييه من هو عليه الآن!
كان أوليفييه يتعرض للكثير من التنمر بسبب لون بشرته، علاوة على أن والديه ليس لديهما اللون نفسه، ولهذا كان سرعان ما يتم الحكم عليه أنه طفل تم تبنيه!
وبحسب مقابلاته الصحفيّة، يوضح إن كل هذه الأمور تركت الكثير من الأثر في شخصيته، وجعلته أكثر قوّة وقدرة على مواجهة الصعاب، وترك ذلك انطباعاً في تصاميمه التي تتسم بالوضوح والحدّة أحياناً من الأكمام الطويلة والأكتاف العريضة والفساتين القصيرة، علاوة على أنه يعتبر أصغر مدير إبداعي لدار أزياء حيث تولى هذا المنصب لدار بالمان في سن الـ 25 عاماً.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي عام 2020 أصيب روستينغ بحروق بالغة في جميع أنحاء جسمه، بسبب اندلاع حريق بالمنزل بالكامل نتيجة انفجار مدفأة الغاز، بعد تمضية ليلة عشاء حافلة مع الأصدقاء للاحتفال بنجاح أحدث مجموعاته للأزياء، وتسبب هذا الحادث في أن تنقلب حياته رأساً على عقب، حيث اضطر أن يخفي نفسه عن الجميع لأكثر من عام حتى مرحلة شفائه، وكان أوليفييه مغطى كلياً بالشاش والضمادات، والشرائط الذهبية على يديه، ونشر آنذاك صورة له عبر حسابه على انستغرام بعد تعافيه وهو يتحدث عن هذه الرحلة الصعبة، التي غيّرت تفكيره كلياً، التي كان أساسها فكرة البحث المرهق عن الجمال المثالي والكمال وتقبل الذات.
ومن هُنا ابتكر فكرة مجموعته لربيع وصيف 2022، حيث شاهدنا العارضات بملابس مستوحاة من الشاش، والشرائط الذهبية، وحققت نجاحاً كبيرا في هذا الوقت.
فشل فيرا وانغ في الألعاب الأولمبية جعلها إحدى أشهر مصممات فساتين الزفاف في العالم
رغم أن طفولتها لم تكن قاسية بل على العكس فمصممة الأزياء فيرا وانغ Vera Wang ابنة مهاجرين صينيين أثرياء، حيث نشأت في الجانب الشرقي العلوي من مانهاتن، والتحقت بمدرسة النخبة شابين ومدرسة الباليه الأمريكية.
وكانت وانغ، وهي متزلجة موهوبة، تتنافس بشكل احترافي طوال فترة المراهقة، ومع ذلك، فقد فشلت في تحقيق أحلامها الأولمبية عندما احتلت هي وشريكها جيمس ستيوارت المركز الخامس في مسابقة أزواج الناشئين في بطولة الولايات المتحدة الوطنية عام 1968.
بعد تخرجها من الكلية في عام 1971، تركت وانغ مسيرتها في التزلج وبدأت العمل في مجلة فوغ، وفي غضون عام، عندما كان عمرها 23 عامًا، تمت ترقيتها إلى محررة أزياء، وحملت هذا اللقب لمدة 15 عامًا، وفي عام 1987، تركت مجلة فوغ لتتولى وظيفة مديرة تصميم الإكسسوارات في رالف لورين.
وفي عام 1989 قررت وانغ الزواج من صديقها القديم آرثر بيكر، وشعرت بالإحباط بسبب الاختيارات المحدودة لفساتين الزفاف، ومن هُنا قررت رسم تصميمها الخاص وكلفت خياطًا بتصميم فستان متقن بتكلفة 10000 دولار، وفي العام التالي، وبدعم مالي من والدها، افتتحت وانغ متجر الزفاف الخاص بها في فندق كارلايل الراقي في شارع ماديسون في مدينة نيويورك، لتتمتع الآن بشعبية كبيرة ولديها عدد كبير من المتابعين في هوليوود وتقوم أيضًا بتصميم الملابس الداخلية والمجوهرات والمنتجات المنزلية.
ولفتت وانغ الاهتمام الدولي لأول مرة خلال دورة الألعاب الأولمبية عام 1994 عندما صممت مجموعة مطرزة يدويًا للمتزلجة على الجليد نانسي كريجان، ومنذ ذلك الحين، قدمت وانغ خطًا مشهورًا بنفس القدر من ملابس السهرة الأنيقة، بالإضافة إلى مجموعة Vera Wang Made to Order.
ألكسندر ماكوين من عامل صغير للبدلات تحت الطلب لرائد في عالم الموضة
ولد ألكسندر ماكوين Alexander McQueen في 17 مارس 1969 لعائلة من الطبقة العاملة تعيش في مساكن عامة في منطقة لويشام بلندن، وكان والده رونالد سائق سيارة أجرة، وكانت والدته جويس تدرس العلوم الاجتماعية، وبدخلهما الصغير، كانوا يدعمون ماكوين وإخوته الخمسة.
بدأت رحلة ماكوين الصعبة في عالم الموضة وهو في سن السادسة عشرة، منذ أن ترك مدرسته، ووجد عملاً في شارع سافيل رو، وهو شارع في منطقة مايفير بلندن يشتهر بتقديم بدلات رجالية مصنوعة حسب الطلب، كان يعمل في البداية مع محل الخياطة أندرسون وشيبارد، ثم انتقل إلى محلات أقرب مثل جيفز وهوكس.
قرر ماكوين مواصلة مسيرته المهنية في صناعة الملابس، حيث بدأ العمل مع مصممي الأزياء المسرحية آنذاك Angels وBermans، ومن هُنا سيصبح النمط الدرامي الأنيق والأسلوب الخاص للملابس التي صنعها في هذا المكان وتلك الفترة، بمثابة توقيع لأعماله المستقلة اللاحقة في التصميم، تلك التي تعتمد على الستايل الكلاسيكي الفاخر، وتحمل طابع البدلات الكلاسيكية والبناطيل ذات الخط المستقيم والبليزرات الفاخرة، والفساتين الأنثوية مع قصّات تبرز القوام.
وتحوّلت حياته بعد ذلك عندما غادر ماكوين لندن لقضاء فترة قصيرة في ميلانو، حيث عمل كمساعد تصميم لمصمم الأزياء الإيطالي روميو جيجلي.
عند عودته إلى لندن، التحق ماكوين بكلية سنترال سانت مارتن للفنون والتصميم، وحصل على درجة الماجستير في تصميم الأزياء في عام 1992، وكانت المجموعة التي أنتجها بمثابة مشروع تتويج لشهادته، لينطلق بعدها ليكون مدير إبداعي لدار جيفنشي حتى عام 2001، ليترك الدار بعد ذلك، ويتوسع أكثر في أعماله الخاصة وعروض مجموعاته التي مازالت نابضة بالحياة حتى الآن، رغم مسيرته الفنية القصيرة، إذ توفي منتحرا في فبراير 2010 عن عُمر يناهز 40 عاماً.