نجمات الرقص الشرقي في مصر: بعيدات أم مستبعدات؟

الراقصات المصريات بعيدات عن ساحة الرقص الشرقي- الصورة من انستغرام bellydancebydolly

الراقصات المصريات بعيدات عن ساحة الرقص الشرقي- الصورة من انستغرام bellydancebydolly

عند البحث والنظر جيداً في كتب التاريخ، سنجد أن مصر هي من أوائل الدول التي برز فيها فن الرقص الشرقي، الذي يعود تاريخه إلى مئات السنين، ومع الوقت اتّسم هذا الفن بالروح المصرية، التي قدّمت لنا أجمل الراقصات، بدايةً من بديعة مصابني التي تعتبر من أوائل الراقصات المصريات على الساحة، ليتبعها عدد كبير من الفنانات على غرار تحية كاريوكا ونعيمة عاكف وسامية جمال، وصولاً إلى سهير زكي وفيفي عبده ودينا ولوسي وغيرهن من نجمات هذا الفن.

ias

ولكن بالنظر إلى الرقص الشرقي في مصر الآن، فما زال متواجداً وحاضراً بحفلات الزفاف والمناسبات الكبير، وفقرة أساسية بالملاهي الليلية، ولكن المشكلة تكمن في غياب فنانات الرقص الشرقي المصريات لتحل مكانهنّ فنانات أجنبيات رغم أن تاريخ بدلة الرقص الشرقي يعود إلى مصر.

تاريخ أصيل لولادة فن الرقص الشرقي في مصر

من الممكن العودة للوراء قليلاً في بداية ظهور بديعة مصابني التي اختارت مصر ملجأ لها بعد تركها أميركا، حيث كانت طفلة لأب لبناني وأم سورية، وأسست كازينو خاص بها عام 1929، ليصبح بعد ذلك بمثابة أكاديمية للفن الاستعراضي والرقص الشرقي، تعلمت فيه تحية كاريوكا وسامية جمال هذا الفن، وقدّمتا فيه أجمل الرقصات الاستعراضية.

والجدير بالذكر أن تاريخ الرقص الشرقي في مصر كان متواجداً قبل هذا الوقت بكثير، فهو منحوت على جدران المعابد الفرعونية، وكان متواجداً في نطاق ضيق الحدود أثناء دخول الامبراطورية العثمانية مصر، وأثناء الحرب الفرنسية.

الرقص الشرقي في أفلام الخمسينيات والستينيات

بعد أن أصبح فن أساسي له طابعه الخاص، وظهور بدلة الرقص الشرقي بالشكل المتعارف عليه، ظهر الرقص الشرقي بشكل واضح جداً في أفلام الخمسينيات والستينيات، والتي كانت فترة العصر الذهبي للسينما المصرية.

وكان هناك العديد من النجمات المصريات اللواتي عملن كممثلات وراقصات في الوقت نفسه، على سبيل المثال تحية كاريوكا وسامية جمال ونعيمة عاكف وزينات علوي، وكنّ يسافرن لعرض هذا الفن الرائع في مختلف أنحاء العالم.

وظهر الرقص الشرقي بالعديد من الأفلام المصرية في ذلك الوقت وكان عنصراً أساسياً بها على غرار فيلم “الرجل الثاني” حيث ظهرت سامية جمال إحدى بطلات العمل بدور راقصة، وفيلم “تمر حنة” الذي ظهرت فيه نعيمة عاكف كراقصة أيضاً.

الرقص الشرقي في التسعينيات وظهور فنانات جدد

بعد ذلك ظهرت فنانات التسعينيات على غرار سهير زكي والتي تعتبر أوّل من رقصت على أغاني أم كلثوم، إذ كان من الصعب الرقص على أنغام أغنياتها، وأصبحت تباع شرائط كاسيت مخصصة بها أغاني وألحان راقصة، مرتبطة بسهير زكي في ذلك الوقت، كما ظهرت أيضاً نجمات مثل فيفي عبده ودينا ولوسي ونبيلة عبيد حيث استطاعت كل واحدة منهن حفر اسمها الفني بعالم الرقص الشرقي.

الرقص الشرقي والعادات والتقاليد في الأفلام المصرية

رغم أن الرقص الشرقي كان جزءاً أساسياً من حياة الشعب المصري، وكنّا نشاهد العديد من مشاهد الرقص الشرقي في معظم أفلام الأبيض والأسود، إلا أن حتى السينما المصرية صورته في كثير من الأحيان بأنه مظهراً مخالفاً للشرف والعادات والتقاليد، إذ كانت تُصور الراقصة المصرية بأنها امرأة منبوذة من الناس، أو امرأة غير أخلاقية.

وفي الوقت نفسه، برزت العديد من الأفلام التي أوضحت الجانب الإنساني لفنانة الرقص الشرقي وعكست الجزء الإنساني في شخصيتها، لكنها أيضاً سلطت الضوء على نبذ المجتمع لها.

ربما سيكون من أبرز هذه الأفلام هو فيلم “الراقصة والسياسي”، للمخرج الراحل سمير سيف، إنتاج 1990، حيث جسدت فيه نبيلة عبيد دور الراقصة المصرية التي تعيش حياة الشهرة والفن لتتعرض بعد ذلك لأزمة صحية تجعلها ترغب في بناء دار أيتام للأطفال، وقد رُفض طلبها فقط لكونها راقصة! ولكن في النهاية تستطيع تنفيذ رغبتها، لينتصر الجزء الإنساني على العادات والتقاليد.

وكذلك، نتذكر جميعنا رقصة سعاد حسني الشهيرة في فيلم “خلي بالك من زوز” للمخرج حسن الإمام والذي أُنتج عام 1972، وجسدت فيه سعاد حسني دور طالبة جامعية تحب شاب من طبقة أرستقراطية، يقف في طريقهما عمل والدتها كراقصة شعبية أو كما يطلقون عليها “عالمة”، فعندما يتم فضح أمرها حيث كانت تخفي ذلك عمّن حولها، يتم نبذها من المجتمع، لتواجهه سعاد حسني أو “زوزو” بكل قوتها وإنسانيتها وتنتهي قصة الحب بالسعادة.

وكشفت الفنانة الاستعراضية لوسي عن المشاكل والصعوبات التي تواجهها بسبب عملها في الرقص الشرقي، موضحةً أنه من الغريب أن يتحدث شخص ما عن الراقصة بشكل غير لائق، ثم بعد ذلك يطلبها كي ترقص في حفل زفافه.

ربما تكوني مهتمة بقراءة سعاد حسني أكثر أناقة من مارلين مونرو: موضة الخمسينيات والستينيات العربية مذهلة والصور تؤكد ذلك!

غياب نجمات الرقص الشرقي المصريات عن الساحة

وتخلو الساحة الاستعراضية في مصر من الراقصات في زمننا الحالي، ما عدا الراقصة دينا، وذلك بشهادة زميلاتها في الفن، فقد صرّحت الراقصة المعتزلة لوسي في أحد حواراتها الصحفية أنه لا يوجد سوى دينا على الساحة الآن!

وفي وقت كانت تتنافس فيه دينا ولوسي وفيفي عبده منذ بداية فترة التسعينيات، وخصوصاً بعد اعتزال سهير زكي الرقص الشرقي لزواجها ورغبتها في تأسيس حياة أسرية، لم يتبقَ على الساحة سوى الراقصة دينا، ويعود ذلك إلى اعتزال لوسي بشكل رسمي منذ حوالي 4 سنوات بسبب مشاكل صحية ورغبتها في القيام بأمور جديدة في حياتها، بحسب تصريحاتها الصحفية لبوابة أخبار اليوم.

أما بخصوص فيفي عبده، فقد أوضحت في أكثر من لقاء أنها لم تعتزل فن الرقص الشرقي، وأن الرقص بالنسبة لها مثل الأوكسجين، ويتضح لنا ذلك من خلال الفيديوهات التي تقدّمها عبر صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل، حيث تواصل فيها الرقص، ولكن من الصعب أن نقول عنه رقص احترافي، خاصة أن فيفي عبده لا تقدّم الآن هذا الفن بشكله المعهود في حفلات الزفاف أو في أماكن السهرات مثلما تفعل دينا مثلاً.

أما فيما يخص الفنانة دينا، فقد عاتبت زميلتها فيفي عبده في وقت سابق، وانتقدت عدم حفاظها على وزنها والاهتمام بصحتها، وربما يكون هذا هو السبب لعدم ممارستها الرقص الشرقي الآن.

ويمكن أن نقول أن دينا هي الراقصة المصرية الأكثر الشهرة والوحيدة على الساحة المصرية، بجانب العديد من الفنانات الأجنبيات، وتحافظ دينا على لياقتها بشكل ملحوظ، فقد صرّحت من قبل أنها تقوم باحتساب وزنها بشكل يومي للتأكد من عدم زيادته، بجانب ممارسة الرياضة.

وما زالت دينا مطلوبة بالعديد من حفلات الزفاف الآن ولها فقرة خاصة بأماكن السهر.

ما رأيك في قراءة إحداهنّ فتحت متجرًا للآيس كريم… أيقونات الموضة في التسعينيات أين أصبحن الآن؟

الفنانات الأجنبيات يدخلن المنافسة والفنانات المصريات يوضحن رأيهن

دخلت باقة كبيرة من الفنانات الأجنبيات المنافسة، على غرار صوفينار ولورديانا وبدارة وجوهرة وغيرهن من الفنانات اللواتي توافدن إلى مصر لممارسة فن الرقص الشرقي.

ولطالما أبدت دينا إعجابها ببعض الفنانات منهن مشيرةً إلى أنهن يتبعن الأسلوب الصحيح للرقص الشرقي، خصوصاً وأن دينا لديها مدرسة خاصة لتعليم الرقص الشرقي داخل مصر وخارجها، ولكنها أكدت أن بعض هؤلاء النجمات يمارسن نوعًا من الابتذال غير المرغوب فيه بهذا الفن.

في المقابل أوضحت لوسي، أنه من الصعب تحقيق الروح المصرية من الفنانات الأجنبيات، وأنه مهما حدث ستظل الراقصة المصرية لها طابعها الخاص.

أما فيفي عبده فقد أوضحت أن فنانات الرقص المصري الأجنبيات لديهن طابعهن الخاص، وربما هي تفضل بعض الفنانات عن غيرهن، ولكنها في النهاية تحترمهن جميعاً، ولكن يصعب عليهن تحقيق الروح المصرية في فن الرقص الشرقي.

هل هناك أمل في عودة راقصات مصريات إلى الساحة من جديد؟

مع عودة فن الرقص الشرقي بقوّة مرة أخرى هذه الفترة على الساحة الفنية، ورغم سيطرة الراقصات الاجانب على الساحة، يتمنى البعض عودة زمن سهير زكي وفيفي عبده ولوسي مرة أخرى على الساحة، لتعود معهن الروح المصرية لفن الرقص الشرقي في مصر.

بعد قراءة هذا الموضوع نتوقع أن يعجبكِ قراءة في ذكرى رحيلها… “المثيرة” هند رستم كرهت لقب ملكة الإغراء.

تسجّلي في نشرة ياسمينة

واكبي كل جديد في عالم الموضة والأزياء وتابعي أجدد ابتكارات العناية بالجمال والمكياج في نشرتنا الأسبوعية