تجسدت روحها بطيات عبق الماضي وبانعكاسات صورة اليوم، لتحكي أعمالها عن نفسها كامرأة سعودية تزخرفت بنقوشات التراث والقيم بنظرة من الفخر والتطلّع نحو المستقبل الواعد، تلك هي الفنانة التشكيلية السعودية فاطمة النمر @artistfatimahalnemer التي برزت أعمالها في العديد من المعارض والمشاركات الفنية على مدى 20 عاماً.
فاطمة النمر وفلسفتها الفنية
المشاعر الفياضة والرؤية العميقة هي محرك ريشة الفنان، فمتى بدأ مشوارك الفني وعما تمحورت هوية أعمالك؟
ولدتُ في المنطقة الشرقية لأسرة محافظة، وبَدأتُ نشاطي الفني في عام 1999، ومنذ ذلك الحين وأنا أقدم أعمال فنية تعكس فلسفتي الخاصة عن الوجود بقالب جريء يعكس تناقضات الذات البشرية، مستعملة بذلك استراتيجيات متغيرة ونشطة لتصوير نفسي في أغلب أعمالي كامرأة ذات تاريخ ومستقبل.
تأصلت في لوحاتك أشكال من الفن الإسلامي والزخارف، وترامت في أرجاءك الفنون بكثير من مجالاتها، فحدثينا عن جوهر ابداعاتك؟
أحب في أعمالي أن أقوم بإعادة تدوير الفكر والمواد، مستنبطة من زخارف الفنون الإسلامية والتاريخ العريق، ومهتمة بتفاصيل الزي التراثي الذي يحكي عن الثقافة والقيم والعادات التي تأثرنا بها كسعوديين وخليجيين، فببساطة أعمالي تتحدث عن فكرة واحدة بدون اختصار أو تزاحم، ويكمن فني في إعادة تدوير هذه الفكرة بطريقة معاصرة أُحيي فيها الماضي والتراث بأشكال مختلفة، حيث أنني استخدمت في مشاريعي الفنية إلى جانب اللوحات أدوات مختلفة من الفيديو آرت والأعمال التركيبية.
وفي الحديث عن التراث القديم للمملكة شاهدي صور متحف القصر الأحمر في جدة.
سبب اقتناء ميلانيا ترامب للوحة الفنانة فاطمة
في شريط مسيرتك الفنية ما هي أبرز محطاتك ومشاركاتك الفنية المحلية والدولية؟
كما سبق وأن قُلت بدأ نشاطي كفنانة في عام 1999، ووثقت تجربتي بمعرض شخصي بالأردن عام 2009، وطول هذه الأعوام حفلت مسيرتي بكثير من المشاركات بمعارض فنية ومهرجانات، والتي كان منها: معرض الفن المعاصر في مومباي عام 2010، وكذلك مشاركتي في مهرجان الفنون الإسلامية بالشارقة عام 2014، ومعرض طريق البخور الذي أُقيم في قصر اليونيسكو في باريس من قبل مؤسسة مسك عام 2017، بالإضافة لمشاركتي بمعرض الفن والمملكة في لندن عام 2019، ونلت على أثر مشاركاتي العديد من الجوائز والتي كان من أهمها: الجائزة الأولى في معرض الفن السعودي المعاصر عام 2010، وجائزة المسابقة الثانية للشباب عام 2010، وجائزة تشكيل الخط عام 2011، كما أن لدي الكثير من اللوحات والأعمال التي تم اقتناءها في متاحف مهمة بالمملكة وخارجها.
في عام 2017 ضجت الصحف المحلية والدولية بالحديث عن لوحتك التي اقتنتها زوجة الرئيس الأمريكي ميلانيا ترامب، فما الذي أعجبها في تلك اللوحة؟ تواجدت في معرض مسك كوني من الفنانات السعوديات البارزات في الفن التشكيلي، وجسدت في عملي وقتها صورة المرأة السعودية الواثقة والمعطاءة التي سيطرت عليها روح السلام، وهذا ما أعجب ميلانيا في شخصية المرأة السعودية التي صورتها في لوحتي، ووقع عليها الاختيار لتكون واحدة من مقتنياتها.
في جميع أعمالك تنعكس ملامح وجهك على صورة تلك المرأة العربية والسعودية ما هو السبب في ذلك؟
أحب دائما أن أصور نفسي مكان الشخصية التي أود أن أتقمصها في أعمالي، والتي تتبلور حول فلسفتي الخاصة بالوجود وصراع الذات، بحيث أصور في ذاتي صورة المرأة السعودية وروحها بإحساس يتماشى مع حدث وفكرة وقضية العمل.
من خلال متابعتنا لك وجدنا أنك مهتمة أيضا بجانب الموسيقى وتعلمها، فماذا أضافت الموسيقى على احساسك؟
لا أستطيع أن أخفي عشقي للموسيقى فعلاقتي مع الوتر علاقة حب تتجسد روحانياً، ولذلك أقوم حاليا ًبتعلم العزف على آلة الجيتار وكذلك العود والقانون، فسماع الموسيقى أثناء عملي جزء مهم يلامس روحي ويغذي فكري، وأهِمُ في الوقت الحالي بدراسة الموسيقي بشكل أكاديمي عميق، لكوني أخطط لمشروع شخصي سأفصح عنه قريباُ، سيجسد علاقة الوتر مع اللون في دائرة الوجود الإنساني.
وعن الموسيقى وشغف السعوديات بها تعرفي على أول عازفة كمان سعودية و التي عُينت أخيراً كرئيسة لهيئة الموسيقى.
الطموح والمخططات
هناك حراك فني كبير في المملكة ومجهودات كبيرة من قبل وزارة الثقافة، كفنانة سعودية ما الفرق الذي لامستهِ خلال الثلاث أعوام المنصرمة؟
كفنانة تشكيلية سعودية لامست العديد من التغيرات، والتي جسدتها في عملي الغربال الذي صور هذا الحراك الفني والثقافي وحالة غربلة المجتمع، وأظن أن أكثر من سيلامس هذه التغيرات هو جيل الفنانين الصغار، وبلا شك أن هذه الخطوات كُنا كفنانين سعوديين نتوق إليها ونتمنى حدوثها منذ زمن، فأسعدني جداً خصخصة الهيئات المهتمة بنواحي الفن والثقافة والموسيقى، كما سعدت أيضاً بفتح باب البعثات الثقافية لدراسة مجالات مهمة ومحورية للفنون والسينما وغيرها، وهذا ما سُيمهد لجعل الرياض عاصمة الفن الأولى في 2030، وكل هذه التطورات تعطينا دافعا أكبر لتقديم ما يستحقه وطننا ويثريه أكثر.
ما هي أجندة مخططاتك لعام 2020، وماهي طموحاتك البعيدة والقريبة على المستوى الشخصي والفني؟
أقوم حالياً بالتخطيط والتجهيز لعدة مشاركات فنية خلال هذا العام، والتي من أهمها مشاركتي خلال شهر مارس في ارت فير بمصر، وورشة فنية في شهر أبريل القادم في تونس، وكذلك لدي عدد من الأحداث المهمة في كل من باريس وألمانيا.
أما عن طموحاتي، فأنا أطمح لأن أكون أيقونة للمرأة السعودية في طموحها وفنها وثقافتها وقيمها وفكرها وحضارتها وحبها لوطنها، والتي تثري العالم بما تمتلكه من عادات وتقاليد تفتخر بها أمام المجتمعات الأخرى، لأصل لمرحلة يتجسد بها فني وأعمالي كصورة سلام وثقافة وفكر في متاحف العالم.
وفي الحديث عن الفنانات السعوديات الملهمات استرجعي معنا حوارنا مع الفنانة التشكيلية سارة العبدلي.