نعرض لكِ قصة عطر Miss Dior التاريخيّة، في سلسلة “حكاية عطر” التي أطلقتها ياسمينة لتسليط الضوء على أهم العطور العالمية، والغوص أكثر في عالمها المشوّق، والذي ألهمنا أيضًا للتحدّث عن أسباب شُهرة عطور أُطْلِقَت منذ أعوام عدّة.
فعلاقة كريستيان ديور القويّة بشقيقته، واللحظات المؤلمة التي مرّ وإياّها بها بسبب الحرب ألهمته لابتكار عطر يعكس الانوثة، الرقيّ والفخامة. فما هي القصّة وراء ذلك؟
ذكريات الطفولة في Granville
في حديقة فيلا Villa Les Rhumbs في Granville عام 1924، عشقت كاثرين، شقيقة كريستيان ديور، اللهو تحت أشعة الشمس الخفيفة ومراقبة تراقص الأعشاب والأزهار مع النسيم الخفيف. ومن نافذة المنزل الزهريّ والرماديّ، كان كريستيان يراقبها مبتسمًا، ومتأكّدًا من أنّها ستكون على قدر عالٍ من التقدير دائمًا.
وأتت الحرب لتدمّر السعادة…
في العام 1942، كانت فرنسا من الدول المشاركة في الحرب العالميّة الثانية، فاضطرت عائلة كريستيان ديور إلى بيع الفيلا والحديقة في Granville بسبب تلاشي ثروتها شيئًا فشيئًا.
بعدها، اضطرّ كريستيان ديور إلى إيجاد عمل في باريس، وتشارك وشقيقته الشقّة نفسها. وفي حين كان هو يهتمّ بتصميم ملابس للشخصيّات الثريّة والناجحة، قرّرت هي أن تصبح من أعضاء المقاومة، حيث عملت على جمع المعلومات الاستخبارية عن تحركات القوات الألمانية.
وفي العام 1944، حلّت الكارثة… اعتقلتها القوّات الألمانيّة وخضعت للتعذيب، لكنّها قاومت وأصرّت على عدم الإفصاح بأي معلومة للعدوّ، آنذاك. بالطبع، شقيقها لم يتركها، وقام بكلّ ما باستطاعته لإنقاذها، لكن كلّ محاولاته باءت بالفشل، وحتّى الشخصيات المهمّة التي كانت من أبرز زبائن Lucien Lelong، حيث عمل ديور، رفضت مساعدة الفتاة الشابة.
العالم اسودّ أكثر بوجه المصمّم الفرنسيّ، عندما علم أن شقيقته المحبوبة، هي من بين 2000 رجل وامرأة، نُقلوا من السجون بطريقة غير إنسانيّة، إذ تمّ تقييدهم وحشرهم في عربات الماشية، طوال الرحلة حتى الوصول إلى الوجهة.
انعدمت أخبار كاثرين لمدّة عام كانت أيامه الأسوأ والأطول في حيات السيّد ديور! وفي الـ 27 من شهر مايو من العام 1945، حدثت معجزة في حياته، حيث تلقّى اتّصالًا لإعلامه أنّ شقيقته على متن قطار للاجئين سيصل في الصباح التالي إلى Gare de l’Est في باريس.
لم يصدّق كريستيان ديور حلول الصباح، وعندما التقى بها بعد غياب، صُعِقَ بما رأى؛ شقيقته الجميلة والأنيقة تحوّلت إلى امرأة أخرى… ملابسها غير أنيقة ومختلفة عمّا كانت سابقًا، ملامح التعب تكسو وجهها، علامات اليأس تسيطر عليها… فهي أمضت أشهر تعمل في ظروف قاسية عانت خلالها من الجوع والإرهاق واليأس.
وهنا كانت بداية إلهامه لعطر Miss Dior
كريستيان لم يعتَد على رؤية شقيقته بهذا الحال، وهنا أتت في باله فكرة تصميم مجموعة أزياء New Look التي كانت السبب بنجاحه، باستخدام عدد من الأقمشة الفخمة وتنفيذ تطريزات دقيقة ومميّزة.
كان ذلك في العام 1947، ولكنّه أدرك أن الملابس ليست كافية لإعادة إلى المرأة جمالها وأنوثتها، فابتكر عطرًا أسماه Miss Dior، تيمّنًا بشقيقته، وكانت نفحاته تُنثَر يوميًا في داره الجديدة في Avenue Montaigne، ليصبح عطرًا يرمز إلى الموضة الراقية.
هذا العطر جمع بين باقة من أجمل الأزهار، فقد مزج كريستيان ديور بين الغاردينيا، القرنفل، السوسن، الياسمين، زنبق الوادي، الورد والنرجس، إضافة إلى لمسات من البرغموت والجلبانوم، والتي تعكس ذكريات كريستيان ديور وشقيقته كاثري، التي أمضياها في حديقة Villa Les Rhumbs في Granville المزروعة بأجمل أنواع الازهار.
عطر ما زال مستمرًا
بعد وفاة كريستيان ديور، حرصت شقيقته على الحفاظ على الإرث الذي خلفه وراءه، فتولّت تطوير مسيرته، وكان عطر Miss Dior من الأعزّ على قلبها، فبات يطلّ في كلّ مرّة بنسخات جديدة، ترتقي بإطلالات الناسء إلى أعلى مستويات الرقيّ والفخامة.
وبعد وفاة كاثرين في العام 2008، استمرّت الدار بالتطوّر مع أهم المدراء الإبداعيّن وخبراء الجمال الذين يثبتن ذلك مع كلّ جديدة، كما في مجموعة ديور الجاهزة لربيع وصيف 2022، وكذلك في مجموعتها الراقية لربيع وصيف 2022.
