مرحبا….
أنا غالية أمين، سعودية أعيش في دبي، وزني لم يكن يوما زائداً، أنا إمرأة سعيدة ومع السنوات أيقنت أنّ كل شكل جسم هو المثالي لصاحبته. سأخبرك اليوم حكايتي…حكاية كلّها ثقة.
بعدما أنهيت الدراسة الثانوية، انتقلت إلى دراسة الفنون الجميلة في الشارقة، لأحصل لاحقا على رسالة الماجيستير في المتاحف وتاريخ الفن في جامعة السوربون، صحيح أنني لم أحقق حلم الطفولة بأن أصبح ممثلة أو عارضة أزياء، ولكنني حمت حول الفن أكاديميا ومهنيا.
لم أكن طفلة تعاني من السمنة، ولكن لطالما كان حجمي أكبر من صديقاتي وأخواتي، وشكل جسمي مختلف وهو المعروف بشكل الكمثري، كان وزني مناسبا لطولي، ولكن هل فهم من حولي هذا الامر، وهل أدركوا أنّ لا مشكلة لدي في تلك المرحلة؟ بالطبع كلا!
"ليش ما تنحفي؟ لازم تسوي شفط بعد سنوات؟ شكل جسمك مو مثالي؟ والكثير من التعليقات التي سمعتها خلال المراهقة، عبارات لها وقعها السلبي خصوصا على فتاة في تلك المرحلة، حيث الثقة لا تكون ثابتة بعد. كانت تحزنني وتزعجني، ولكن في داخلي كنت أحب نفسي كما أنا.
لم تكن أفضل سنيني، ولكن منها تعلمت الكثير
لم أكن يوما كسولة، بل رياضية من الطراز الاول، ولكن واجهت مصاعب لا يستهان بها، خصوصا في المرحلة الجامعية وبعد انتقالي إلى دبي، كسبت وزنا تخطى الـ 15 كلغ، واستعنت بالدواء للتخلص منه، علاج لم يكن الأفضل؛ واجهت مشكلة مشابهة خلال دراسة الماجيستير، لم تكن أفضل سنيني، ولكن منها تعلمت الكثير.
إذا، في هذا المشوار ومع كل ما سمعته وقرأته وواجهته، كثيرة هي الأمور التي تعلّمتها، وأبرزها أنّ وعي الأهل وثقافتهم حول هذه المسالة، وتوجيه أولادهم وتحضيرهم للمراحل التي يواجهونها هو العامل المساعد الأوّل والأساسي، ومن المهم أيضا ألا يكونوا هم أحد المعلقين على الوزن الزائد، لما في ذلك من تأثير نفسي سلبي على الولد أو البنت.
مع مرور السنوات، عرفت أنّ الأهم هو ارتداء المقاس المناسب، ويجب ألا يكون الهدف دوما هو اخفاء تضاريس الجسم، وأنّ ليس هناك داع لأي نوع من المقارنة أو التحدي على أمر لا يستحق التعليق حتى عليه!
منذ ثماني سنوات، دخلت إلى عالم تنسيق الازياء، في البداية كنت أخشى أن ألبس نفسي، وأبقيت الأمر محصورا بعارضات الأزياء النحيفات، حتى اكتشفت لاحقا خطأ ما أفكر به، قناعة عززت حبي لنفسي أكثر.
المجتمع السعودي دعمني وما جعلني أحزن سابقا صار يضحكني اليوم
ما جعلني أحزن في الصغر والشباب حصّنني وجعل مني إنسانة مختلفة، ومن الارتباك والخجل والحزن إلى الضحك! نعم أنا اليوم أضحك حين ينصحني أحد عن النحافة، حيث املك من الثقة ما يكفي لأسأل: ما هي المعايير التي اتخذتها لتحكم علي انني خطا؟ أو أنّ جسمي ليس المثالي؟ أي مقارنة مجحفة حصلت؟ ولماذا؟
تتعزز ثقتي بنفسي أكثر مع المجتمع السعودي الذي دعمني، رجالا ونساء، مع دبي المدينة التي تقدّر المرأة وحريتها وثقافاتها وقناعاتها، مع السوشل ميديا والصدى الايجابي لكل ما أقوله، للمراهقات اللواتي يجدن في صورة جميلة تنقض كل ما يسمعونه!
ختاما رسالتي التي أوجهها لكل إمرأة في يوم المرأة العالمي:
ثقي بنفسك وخياراتك، أحبي ذاتك، اقتدي بنصيحة من يحبك فعلا ويهتم لمصلحتك، لا تصغي لآراء الناس، فكّري بالصحة وليس النحافة، لا تؤجلي أي عمل أو مشروع، وختاما تذكّري أنك جميلة… وأنّك غالية!