في مقابلة حصرية مع “ياسمينة”، نكشف النقاب عن القصة الملهمة وراء Sarah’s Bag، العلامة التجارية التي أسستها سارة بيضون لتعكس في كل تصميم قصة اجتماعية وثقافية، وتُضيف لمسة حديثة على التراث الفني التقليدي، في دعوة لإعادة رسم معالم الأمل للنساء المحرومات في لبنان، حيث الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تحاصرهن من كل جانب.
في عالم مليء بالتحديات والصعوبات، تظهر حقائب Sarah’s Bag كضوء في الظلام، كرمز للإبداع الذي ينطلق من أعماق المعاناة نحو التغيير. ولدت الفكرة من قلب سارة بيضون، التي، بفضل شغفها العميق وإيمانها الراسخ بقدرة المرأة على التغيير، حوّلت كل تحدٍ إلى فرصة. ويمكنكِ أن تنسّقي كلاتشات Sarah’s bag الداعمة للمرأة بالطرق التالية!
نعود في حديثنا الشيّق مع سارة إلى البدايات، حيث نجحت في تحويل علامتها إلى منصة لتمكين النساء، سواء عبر تدريب السجينات أو دعم النساء المتعثرات مالياً. ولم تتوقف القصة عند الإبداع في التصاميم فقط، بل تمتد لتكون شهادة على رحلة سارة الشخصية، التي ألهمتها والدتها وقوتها الداخلية لإحداث تغيير اجتماعي حقيقي.
– استطعتِ أن تأخذي Sarah’s Bag من حلم صغير في بيروت إلى علامة تجارية تحظى بشعبية عالمية، حيث أصبحتِ رمزاً للإبداع الذي يحمل رسالة إنسانية عميقة. ما هو الدافع الداخلي الذي جعلكِ تصرين على أن تبقى كل حقيبة تحمل لمسة من روحكِ، وتمثّل جزءًا من قصة اجتماعية وثقافية؟
عدة عوامل دفعتني للحفاظ على الطابع الإنساني والإبداعي لعلامة Sarah’s Bag، أولها الأثر العميق الذي يتركه عملنا، لدى النساء العاملات معنا، وكيف يسهم في تحسين حياتهن وتمكينهن مادياً ومعنوياً. رؤية هذا التأثير على أرض الواقع يمنحني دافعاً قوياً للاستمرار.
كما أن شغفي بالإبداع يدفعني للاستمرار في ترجمة أفكاري إلى واقع ملموس، وهو ما يمنحني شعوراً عميقاً بالمتعة. بالإضافة إلى ذلك، حقائبنا تحظى بإقبال كبير من نساء يدعمننا ويعشقن علامتنا، مما يشجعنا على الاستمرار في مسيرتنا. هذه العوامل هي التي جعلتني أستمر في المسيرة بعد 24 عاماً من العمل الجاد والمحبة نفسها التي بدأت بها، بنفس الحماس والإخلاص متمسكة بمبادئ وشغف علامة Sarah’s Bag.
– كيف توازنين بين طموحاتكِ التجارية والأبعاد الإنسانية لعلامتكِ؟
منذ البداية، آمنت أن Sarah’s Bag ليست مجرد مشروع تجاري، بل رسالة لتمكين المرأة. لذا، أصبحت طموحاتي متكاملة مع القيم الإنسانية التي أؤمن بها. وبدلاً من التركيز على زيادة المبيعات أو التوسع التجاري، أركز على زيادة عدد النساء العاملات ضمن فريقنا، وتمكينهن ليصبحن جزءًا من قصة نجاحنا. وسبق لسارة أن قلّدت السيدات ببروش مميّز بمناسبة يوم المرأة العالمي.
– تُعتبر حقائبك نوعاً من التعبير الثقافي والفني. ما هي الرسالة التي تحاولين نقلها عبر استخدامك للرموز اللبنانية التقليدية؟
حقائب Sarah’s Bag ليست مجرد أكسسوارات، بل لوحات فنية تعكس هويتنا الثقافية وتجمع بين التراث والإبداع بأسلوب عصري مميز. منذ البداية، حرصت على إظهار الطابع اللبناني والعربي في تصاميمنا، سواء باستخدام الخط العربي أو الرموز المستوحاة من تراثنا. قدمنا تصميمات مثل حقيبة “المنقوشة” وحقيبة “الكعكة”، وكانت كل قطعة تعبيراً عن حبي وارتباطي العميق بثقافتي اللبنانية والعربية، وأفتخر بأن تكون تصاميمي وسيلة لإحياء هذا التراث وتعريف العالم به.
– كيف تختارين القصص التي تروينها من خلال كل تصميم؟
لكل مجموعة قصة تُستلهم من حالة نفسية أو فكرة تلهمني. عادةً، نعمل موسمياً على فكرة رئيسية تتيح لنا تصميم مجموعة متكاملة. على سبيل المثال، استلهمنا مجموعة “Serpentine” من رمز الأفعى كدليل على القوة والتجدد والحماية.
– حقائبكِ محبوبة من قبل الملكة رانيا العبدلله ومشاهير عالميين. ماذا تعني لكِ هذه الشهرة الدولية، وكيف أثر ذلك على نظرتك إلى التصميم ونجاحك؟
شهرة حقائبنا بين الملكات والنجمات كانت فرصة رائعة لتسليط الضوء على علامتنا عالمياً، لكن أكثر ما يهمني هو ارتباط الحقيبة بالشخصية التي تحملها، ومدى تعبيرها عن شخصيتها وهويتها. على الرغم من أهمية هذا الاعتراف الدولي، أرى أن كل امرأة اختارت حقيبتنا وساهمت في نشر قصتنا هي جزء من نجاحنا، وشريكة في مسيرتنا.
– أنتِ امرأة صاحبة رؤية اجتماعية واضحة، فكيف ترين دور المرأة في صناعة الموضة بشكل عام؟ وكيف يمكن للموضة أن تكون قوة للتغيير الاجتماعي؟
للنساء دور محوري في صناعة الموضة، ليس فقط كصانعات للمنتج، بل كقوة شرائية تؤثر على الاتجاهات. أرى أن الموضة مرآة تعكس الزمن والمجتمع، وغالباً ما تكون وسيلة للتعبير عن الأمل والإبداع، حتى في أحلك الظروف. يمكن للموضة أن تحمل رسائل تغيير اجتماعي عميقة، وهذا ما سعيت لتحقيقه من خلال إشراك النساء في تصميم حقائبنا وتدريبهن على الحِرَف اليدوية. هؤلاء النساء لم يعدن فقط ربات منازل، بل أصبحن حرفيات مبدعات يحملن رسالة تمكين وأمل. هذا ما يجعل الموضة أداة قوية للتغيير، فهي تتجاوز المظاهر لتصل إلى الجوهر الإنساني.
– منذ بداية مشروعك، كان لكِ هدف اجتماعي واضح يتمثل في تمكين المرأة. هل يمكنكِ أن تشاركينا قصة مؤثرة أثرت على نظرتكِ إلى الحياة والمجتمع؟
خلال عملي مع النساء في سجن بعبدا، التقيت بامرأة مسجونة زوراً وكانت تعاني من اكتئاب حاد. اكتشفت موهبتها وأشركتها في مشروعنا، حيث بدأت بالعمل على تصميمات مميزة، واستخدمت الأموال التي جنتها لتوكيل محامٍ أعاد فتح قضيتها وأثبت براءتها، وقد خرجت من السجن وبدأت حياة جديدة. هذه القصة تركت أثراً عميقاً في نفسي، وأكدت لي أن غرزة إبرة قادرة على تغيير مصير شخص بأكمله.
– كيف استطعتِ الحفاظ على روحكِ الإبداعية وسط الصعوبات التي عاشها لبنان في السنوات الأخيرة؟ وهل كان هناك مصدر إلهام خارجي أو داخلي ساعدكِ على تجاوز هذه الأوقات العصيبة؟
الأوقات العصيبة التي مررنا بها، مثل انفجار بيروت والأزمات الاقتصادية والحرب الأخيرة، كانت اختباراً لقوة إرادتنا. الإلهام الداخلي جاء من طبيعتي الإيجابية، التي أعتبرها نعمة تساعدني على رؤية الأمل وسط الدمار. أما الإلهام الخارجي، فهو الطبيعة؛ البحر والمشي في الهواء الطلق كانا دائماَ مصدر تهدئة وصفاء ذهني لي.
كذلك، شعرت بمسؤولية كبيرة تجاه النساء العاملات في Sarah’s Bag واللواتي يبلغ عددهن 250 امرأة، حيث أن كثيرات منهن يعِلن أسرهن من خلال هذا العمل. هذا الإحساس بالمسؤولية دفعني للاستمرار رغم كل الصعوبات.
– يُقال إن لكل مصمم أو فنان نقطة تحوّل في مسيرته. هل تعتقدين أن هناك حدثاً أو لحظة معينة غيّرت مجرى عملك وأعطتك دفعاً جديداً للمضي قدماً؟
حدث انفجار مرفأ بيروت كان نقطة تحوّل كبيرة في مسيرتي. فقدنا المشغل، المتجر، وحتى منزلي. شعرت حينها باليأس، لكن الدعم الذي تلقيته من عائلتي الكبيرة في Sarah’s Bag، ومن النساء اللواتي يعملن معنا، كان ملهماً للغاية.
حين رأيت مدى تعلّق الناس بقصة علامتي وإيمانهم بما نمثله، شعرت بأنني لا أملك خياراً سوى الوقوف مجدداً والاستمرار. هذه اللحظة أكدت لي أنني لم أبنِ علامة تجارية فقط، بل مجتمعاً يساند بعضه البعض.
– من هي ملهمتكِ؟
ملهمتي الأولى هي والدتي، فهي من قدمت لي الدعم الكبير منذ البداية، وكان لها الفضل في توجيهي لاختيار هذا المجال. تربيت على يدها على قيم الإيمان بما أفعله والشجاعة في مواجهة التحديات، وهو ما ساعدني على إطلاق علامة Sarah’s Bag وتطويرها بثقة ودون تردد. بالإضافة إلى ذلك، استلهمت منها البعد الإنساني الذي يميز عملي، فقد كانت دائماً إنسانة عميقة ومتفانية في مساعدة الآخرين، وهذا ما أشعل بداخلي الرغبة في تقديم عمل يحمل رسالة إنسانية إلى جانب الإبداع.
– ما كانت أول حقيبة صمّمتها؟
أول حقيبة صمّمتها كانت تجربة مليئة بالدروس. صنعتها بيدي من قماش الكانفاس، فقط لأفهم بدقة كم يتطلب تنفيذها من جهد ووقت، حتى أكون عادلة في تقدير قيمة عمل النساء ودفع ما يستحقونه. كانت تلك الحقيبة بمثابة مرآة لبداياتي؛ نصفها متقن، والنصف الآخر يعكس عدم إلمامي الكامل بالتقنيات حينها. ومع ذلك، كانت والدتي أول من اشترى الحقيبة، وحين أعادت إهدائي إياها بعد خمس سنوات، علّقْتها بفخر في مكتبي كرمز لكل خطوة في رحلتي.
– كيف يمكنكِ أن تحافظي على رسالتكِ الاجتماعية والإنسانية وتحتفظ حقائبكِ بروحها الثقافية الفريدة وسط الطلب المتزايد عليها؟ هل تخافين من أن تصبح العلامة التجارية مجرد “منتج تجاري” فقط؟
رسالتي الاجتماعية هي جوهر Sarah’s Bag، وهي ترتكز على ثلاثة أعمدة: تمكين المرأة، الحِرَف اليدوية المتقنة، والتصميم الفريد. طالما حافظنا على هذه القيم، لن تفقد العلامة روحها أبداً.
نحن دائماً نسعى للتطوير، كتصميم ملابس خاصة برمضان مثل الجلابيات، لكننا نحرص على أن تبقى هويتنا راسخة في كل ما نقدمه. لذا، لا أخشى أن تتحول العلامة إلى منتج تجاري بحت، لأن هويتنا مرتبطة بقيمنا ومبادئنا.
– إذا نظرتِ إلى الوراء اليوم، ما هي اللحظة التي شعرتِ فيها بأنكِ حققتِ الهدف الأكبر في حياتكِ؟ وكيف ترين مستقبل Sarah’s Bag؟
من أبرز النجاحات التي حققناها كان تعاوننا مع علامة Chloé، حيث صممنا لهم آلاف الحقائب التي عُرضت في جميع متاجرهم العالمية. هذا التعاون وضعنا على خريطة الموضة العالمية وأكد أننا قادرات على منافسة أكبر العلامات.
أما عن المستقبل، فأطمح أن تتحول Sarah’s Bag إلى دار أزياء رائدة في الشرق الأوسط، تجمع بين النجاح التجاري والتأثير الإنساني، وتصبح قدوة للمؤسسات التي تسعى لتحقيق تغيير إيجابي في المجتمع، وأن يترسخ اسم موقعنا الإلكتروني www.sarahsbag.com كوجهة رئيسية ومرجع أساسي في عالم الموضة.
– في الختام، ما هو الحلم الذي تطمحين لتحقيقه في السنوات القادمة؟
حلمي الأكبر هو أن أرى Sarah’s Bag رمزاً للإبداع والتمكين في الشرق الأوسط، وأن ألهم المؤسسات الأخرى لتبني نهجاً إنسانياً بجانب نجاحها التجاري. أطمح إلى أن يكون لعلامتي تأثير حقيقي ومستدام، يغيّر حياة المزيد من النساء ويعزز مكانتنا كمنارة للأمل والإبداع.