كم تودّ الرحيل بعدها الى دنيا لا تعرف فيها أحد
من هو ذاك الذي وضع معايير الحب؟ من كتب قصّة سندريلا؟ من هو أوّل من شهد على حكاية قيس وليلى؟ لمَ لم يحذّرنا أحدٌ من فارس أحلام، امتطى خيله الأبيض تاركاً خلفه "زوجة" لم تسعفها أنفاسها للحاق به؟
! كيف تاه عن بالنا أن خارج المشهد الرومانسي الذي نعيشه مع حبيب يرفعنا الى سابع سماء، قد ينهار عالم امرأة ينفطر قلبها في الكواليس ولكنّ اقتطاع الفيلم ممنوع عليها؟
في معرض حديثه عن ماهية الحبّ، قال الرائع فيكتور هوجو في كتابه البؤساء، " أعظم سعادة في الدنيا هي حين نعرف أننا محبوبون، لأنفسنا أو بغضّ النظر عن أنفسنا حتى". بين سطور هذه الكلمات التي تصيب عمق حاجتنا للحبّ، هل يستتر ضعفنا الذي يجعلنا نتمسّك بقصة نعرف مسبقاً أنّها بقدر ما بدأت عظيمة بقدر ما ستُختتم أليمة؟
فيديو ذات صلة
قصّة بلسان الواقع… فيلم "كاراميل" لنادين لبكي شاهدي مقدمته
والبكاء يكون سراً خوفاً من سياط الملامة
عن حبّ يلبس معطف الكمال
الوقوع في حبّ رجل متزوّج، فكرة يرفضها الدين، يٌقصيها المجتمع، وكثيراً ما يتبرّأ منها الحبّ في ذاته. ولكنّ وجودها يحتّم علينا الحديث عنها! استطاعت دراسة بريطانية عالجت هذه الظاهرة أن تضع إصبعها على الجرح من خلال ولوجها في صفات هذا الحبّ الذي ينشئ بين طرفين أحدهما متزوّج. وبعد اعترافها بأنّه يكون أشبه بلوحة لا تعيبها شائبة عللت الأسباب مستقبله كما يراه المجتمع، يُسقط الحسابات في علاقاته الجديدة .
يُمطر على المرأة التي يحبّها في الظلّ، الحريّة التي لن تجدها مع زوجها، يدعمها معنوياً ويشجّعها على تحقيق أحلامها، وحتّى يقبل بتمرّدها. يُخاطر من أجلها، يهاتفها ليلاً، يفرش منزلها بالورودحرفياً ويترك للجنون زمام القيادة
ينطبق هذا الوصف حرفياً على القصص التي تنمو على هامش العلاقات الجدية أو الرسمية إذا صحّ التعبير، ولو قاربنا هذا الكلام عربياً لن نصطدم بأية حقيقة أخرى. فهذا هو الرجل في كلّ بقاع الأرض، يرضى للأخريات ما لا يرضاه لزوجته، التي يسكنه تجاهها رعب تفلّتها من قبضة السيطرة
جعل من عشيقته ملكة مُهتزّة العرش كي يسهل عليه اسقاطها
هدى تشهد!
هي تلك الجزائرية التي تحمل في مسامات جسمها ألم استشهاد أبيها وأخيها، والتي اتّخذت من الأسود وشاحاً لها وتركت بلدها بحثاً عن الاستقرار في الشام، مسقط رأس والدتها، من دون أن تدري أنّ الحرب مع الذات تكون أكثر ضراوةً ودماراً. "الأسود يليق بك" بتوقيع الكاتبة الجزائرية الأكثر جماهريةً أحلام مستغانمي، رواية توضّب لك حقائبك وتُرسلك الى عالم "هدى" المطربة الشابة، التي ترميها الأقدار في قصّة حبّ لا تعرف عنها الاّ أنها رُميت منها مهشّمة الأحلام، مثقلة بذكريات لا ترحم. من أين دخل طلال حياتها، رجل الأعمال اللبناني الذي حارب للفوز بقلب زوجته وأمّ ابنتيه قبل سنوات، وكيف شيّد لها قصوراً من حب ورومانسية، وبأية قدرة جعلها تلتقيه مرّة في فيينا وأخرى في باريس، وبأيّ حق جعلها تستعدّ لأهم حفلات حياتها ليكون هو جمهورها الوحيد؟! أسئلة تعصى على هدى، فتترك لك الاستنتاج والاستبطان في سرد يخطف الأنفاس ويطرد النعس. بعدما تنتهين من قراءة الكتاب، ستلقين رأسك الى الحائط وتحتارين بمشاعرك وبوجهتها. ولكنّك، وإن ستتعاطفين مع البطلة، فذلك قد يكون لأقلّ من ثوانٍ، كما حصل معي، لأنّها راهنت على قصّة خاسرة منذ البداية.
ما لا يُغسل بالضوء لا تبان حقائقه
مسكينة هي التي تبني قصرها على باطل. لا شكّ أن القصص المثيلة التي لا تدخلها هموم الحياة ستبدو أكثر هدوءً، ولا شكّ أن الشريك الذي لا يطلب من حبيبه سوى الاكتفاء العاطفي و"الجنسي"، لن تتكشّف عيوب طباعه السيئة، ولن يُلقي بثقل فشله أو تعثّره في حياته الاجتماعية والمهنية على الطرف الآخر. فذاك الحبيب الذي لا نلتقيه الاّ سراً، ولا نتشارك معه الاّ وجهنا الوحيد، ذاك الذي أعجبه، خوفاً من أن نخسره، لن نختبر معه صعوبة يوميات الثنائي، الذي يجهد للنهوض بعائلته، لتلميع حاضره ولتأسيس مستقبله.
كتاب يستحق القراءة
"الأسود يليق بك" رواية تضع الحب أمام قوس الواقعية
كثيراً ما يصل الحبيب، بطل هذه القصّة، منهك من مشاكله الزوجية، ويكون أوّل من وطأ عتبة قلبها، مدججاً بالخبرة الحياتية والعاطفية الكافية التي تجعلها… تأكل الطعم. فهل تظنّ تلك الغارقة في الأحلام أنّه سيخلع عنه عباءة الرجل الذي أصبحه، ويعود الى سنيّ المراهقة والخجل ويكتفي بمغازلتها كلامياً، وبسحر عينيها؟! للأسف لا. فالقصص التي تملأ الزوايا، ويُهمس عنها سراً، تؤكّد أن الحقيقة أقلّ ورديةً، لا بل مُتّسخة بالدموع وقطرات من دماء تساوي حياة بكاملها.