تعتبر أغاني رمضان القديمة لها طابعها الخاص، عند المستمعين والمستمعات، خصوصًا قبل قدوم شهر رمضان الكريم، حيث تعتبر هذه الأغاني من أبرز عادات استقبال الشهر الكريم.
يحتفل المسلمون والمسلمات في شتى أنحاء العالم بحلول شهر رمضان الكريم، الذي عادةً ما يرتبط بذكريات خاصة في الأذهان، من بينها أعمال فنية خالدة يستحضرها الناس كل عام، لا سيما الأغاني المرتبطة بقدومه. وقد يهمكم الإطلاع أنه مع اقتراب الشهر الفضيل: كلام من ذهب عن رمضان.
أغنية “رمضان جانا”
عاشت أغنية المطرب المصري الراحل محمد عبد المطلب أكثر من نصف قرن، رغم أنه لم يكن أول مَن غنّاها.
الأغنية غنَّاها في البداية الممثل محمد شوقي، بتلحين سيد مصطفى، ولكن لم تحقق النجاح المطلوب، لذلك فكّر مؤلفها الشاعر حسين طنطاوي في إعادة توزيعها، واستعان بالموسيقار محمود الشريف، طلبوا من أحمد عبد القادر غناءها بعد نجاح أغنيته “وحوي يا وحوي”، لكنه رفض.
هنا طلب الملحن الجديد من صديقه عبد المطلب غناء “رمضان جانا” وقد قبِل ذلك فقط لأنه كان محتاجاً للأجر الذي سيتلقاه منها، إذ تزامن ذلك مع فترة الكساد التي تلت الحرب العالمية الثانية، وكانت ظروفه المادية صعبة في تلك الأوقات.
أغنية “وحوي يا وحوي”
قد تبدو كلمات الأغنية غريبة لغير المصريين، أو حتى للمصريين! حيث أن كلمات الأغنية لها أصل فرعوني؛ إن الفراعنة رددوا “وحوي يا وحوي إيوحا” أثناء انتظارهم للقمر يهل ليبدأوا الصيام، الذي كان متعارفاً عليه في الحضارة الفرعونية باسم “صاو” الذي يقصد بها “يمتنع”.
إن كلمو “وح” يعني لاح أو ظهر، أما “وي” فهي أداة نداء، أما “يوحا” فهو ملاك القمر، وتعني الكلمة كاملةً: “اظهر أيها القمر”. بينما تحدثت صحف مصرية عن رواية أخرى فرعونية أيضاً، وتقول إن إياحة هو لقب الملكة الفرعونية “إياح حتب”، زوجة أمير طيبة، أواخر القرن الثامن عشر قبل الميلاد.
الدولة الفرعونية أصبحت مطمعاً للهكسوس في حقبتها، وشجعت “إياح حتب” زوجها على مواجهتهم، فقُتل، ثم شجعت ابنها الأكبر “كامس” ولحق بأبيه. لكن كانت نهاية تشجيعها ابنها الثاني “أحمس” مختلفة، حيث انتصر على الهكسوس، وحينها استقبلته أمه بهذه الكلمات التي يقول معناها “مرحبا وأهلاً يا قمر”.
لكن هناك روايات أخرى تربطها بالعصر الفاطمي، وذلك لتشابهها مع أغنية تراثية تقول: “أحوي أحوي إياها، بنت السلطان إياها، لابسة القفطان إياها”. فيما يذهب المؤلف والناقد الفني المصري عمار الشريعي لتفسير الكلمة لأصل عربي وهو “احتوى” أو “امتلك”. وإليكِ أشهر عبارات عن رمضان للواتس..جربيها الان.
“وحوي يا وحوي” اشتهرت بصوت المغني والملحن المصري أحمد عبد القادر، وكان يميل أكثر إلى الأصل الفرعوني. حتى إنه قال في حوار مع مجلة “الكواكب” نشر عام 1982 إن كلمة “وحوي” كلمة فرعونية تعني “يا فرحتي”، أما كلمة “إيوح” فتعني “القمر” وحُرّفت إلى “إياحة” لكي تناسب لحن الأغنية.
إطلاق الأغنية في الإذاعة المصرية جاء خلال فقرة لا تتجاوز الـ15 دقيقة، حيث كانت الإذاعة تعهد لأحد المطربين لتقديم 3 أغنيات في الفقرة. اختير عبد القادر الذي كان من كبار الملحنين الذين تعتمد عليهم الإذاعة ليقدم فقرة فنية، ليختار “وحوي يا وحوي” لتكون إحدى الأغاني التي يقدمها.
أغنية “مولاي إني ببابك”
سَمّه ما شئت: ابتهال، دعاء، موشح، نشيد، أغنية دينية، قد نختلف على هذا، لكن بالتأكيد نتفق أن “مولاي إني ببابك” من أشهر الأعمال التي ترتبط في أذهاننا برمضان وحتى المناسبات الدينية المختلفة.
جمع الابتهال الشيخ المصري سيد النقشبندي، ومواطنه الملحن بليغ حمدي، بفضل الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
إذ دُعي النقشبندي إلى حفل خِطبة إحدى بنات الرئيس الراحل السادات، حيث كان حمدي حاضراً أيضاً، وهناك قال السادات للموسيقار الشهير: “أريد أن أسمعك مع النقشبندي”، وكلف الإعلامي وجدي الحكيم بتوفير استوديو الإذاعة لهمها لإنتاج هذا العمل.
بليغ حمدي، الذي لم يسبق له المشاركة في إنتاج عمل فني من قبل، أبدى استغرابه من طلب السادات، لكنه وعد النقشبندي بتقديم “لحن يعيش 100 سنة”، ويبدو أنه أَوْفى بذلك.
أما النقشبندي فلم يحبذ ذلك في بادئ الأمر، واعتقد أن اللحن يُفسد من هيبة الابتهالات ويُفقدها الخشوع، لكنه وافق في النهاية على استحياء.
الحكيم قال إن النقشبندي اتفق معه على إشارة يفهمها دون أن يتحدث أمام بليغ، وكانت: إن أعجبته ألحان بليغ حمدي أثناء جلستهما الثنائية سيخلع عمامته، إن لم تعجبه سيُبقي عليها، دخل الحكيم بعد نصف ساعة ووجد النقشبندي قد خلع العمامة وجبّته التي يرتديها فوق القفطان، ففهم أن ألحان حمدي قد أعجبته.
أغنية “علّوا البيارق”
من أشهر أغاني رمضان القديمة في لبنان أغنية “علّوا البيارق”، إذ غُنيت في الثمانينات، بينما كان لون السماء رمادياً والبلاد تقبع في الظلام بسبب انقطاع الكهرباء بفعل الحرب الأهلية اللبنانية (الفترة بين 1975: 1990).
إذ اختار المغني اللبناني أحمد قعبور الاستعانة بأصوات الأطفال البريئة من دار الأيتام الإسلامية في بيروت، لصناعة الأغنية التي أصدرت بالعام 1985. قعبور أيضاً هو الكاتب والملحن لها.
وفي الختام، تعرفي على أدعية شهر رمضان مكتوبة من مفاتيح الجنان.