يُعدّ الشاعر نزار قباني من أبرز شعراء القرن العشرين على الإطلاق، فقد كتب العديد من القصائد الشعرية في الحب والغزل والثورة و الحرب وحب الوطن، حتى أصبح موهبة شعرية استثنائية.
لقّب نزار قباني بالعديد من الألقاب؛ فكان شاعر المرأة وشاعر الوطنية وشاعر الثورة، وقد احتل شعره في المرأة والحب حيزاً واضحاً لا يمكن نكرانه، وفي هذا المقال بيان لبعض الأبيات الشعرية التي قالها الشاعر نزار قباني. وقد يهمكِ الإطلاع على أجمل شعر غزل رومانسي للحبيب.
قصيدة ” سأقول لك أحبّك “
- سَأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”.. حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمَه فلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ.. أو يفعلونَهْ.. عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي في تغيير حجارة هذا العالمْ وفي تغيير هَنْدَسَتِهْ شجرةً بعد شَجَرَة وكوكباً بعد كوكبْ وقصيدةً بعد قصيدَة سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”.. وتضيقُ المسافةُ بين عينيكِ وبين دفاتري ويصبحُ الهواءُ الذي تتنفَّسينه يمرُّ برئتيَّ أنا وتصبحُ اليدُ التي تضعينَها على مقعد السيّارة هي يدي أنا.. سأقولها، عندما أصبح قادراً، على استحضار طفولتي، وخُيُولي، وعَسَاكري، ومراكبي الورقيَّهْ..واستعادةِ الزّمَن الأزرق معكِ على شواطئ بيروتْ.. حين كنتِ ترتعشين كسمَكةٍ بين أصابعي.. فأغطّيكِ، عندما تَنْعَسينْ، بشَرْشَفٍ من نُجُوم الصّيفْ.. سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”.. وسنابلَ القمح حتى تنضجَ.. بحاجةٍ إليكِ.. والينابيعَ حتى تتفجَّرْ.. والحضارةَ حتى تتحضَّرْ.. والعصافيرَ حتى تتعلَّمَ الطيرانْ.. والفراشات حتى تتعلَّمَ الرَسْم.. سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”.. عندما تسقط الحدودُ نهائياً بينكِ وبين القصيدَهْ.. ويصبح النّومُ على وَرَقة الكتابَهْ ليسَ الأمرُ سَهْلاً كما تتصوَّرينْ.. خارجَ إيقاعاتِ الشِّعرْ.. ولا أن أدخلَ في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرفُ أن أتهجَّاهْ.. كَلِمَةً كَلِمَهْ.. ومقطعاً مقطعاً.. إنني لا أعاني من عُقْدَة المثقّفينْ.. لكنَّ طبيعتي ترفضُ الأجسادَ التي لا تتكلَّمُ بذكاءْ.. والعيونَ التي لا تطرحُ الأسئلَهْ.. إن شَرْطَ الشّهوَة عندي، مرتبطٌ بشَرْط الشِّعْرْ فالمرأةُ قصيدةٌ أموتُ عندما أكتُبُها.. وأموتُ عندما أنساها.. سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”.. عندما أبرأُ من حالة الفُصَام التي تُمزِّقُني.. وأعودُ شخصاً واحداً.. سأقُولُها، عندما تتصالحُ المدينةُ والصّحراءُ في داخلي. وترحلُ كلُّ القبائل عن شواطئ دمي.. الذي حفرهُ حكماءُ العالم الثّالث فوق جَسَدي.. التي جرّبتُها على مدى ثلاثين عاماً..فشوَّهتُ ذُكُورتي.. وأصدَرَتْ حكماً بِجَلْدِكِ ثمانينَ جَلْدَهْ.. بِتُهْمةِ الأُنوثهْ..لذلك. لن أقولَ لكِ (أُحِبّكِ).. اليومْ.. ورُبَّما لن أَقولَها غداً.. فالأرضُ تأخذ تسعةَ شُهُورٍ لتُطْلِعَ زهْرَهْ والليل يتعذَّبُ كثيراً.. لِيَلِدَ نَجْمَهْ.. والبشريّةُ تنتظرُ ألوفَ السّنواتِ.. لتُطْلِعَ نبيَّاً.. فلماذا لا تنتظرينَ بعضَ الوقتْ.. لِتُصبِحي حبيبتي؟؟
قصيدة ” أحبّك أحبّك والبقيّة تأتي “
- حديثك سجادةٌ فارسيّه.. وعيناك عصفوتان دمشقيّتان.. تطيران بين الجدار وبين الجدار.. وقلبي يسافر مثل الحمامة فوق مياه يديك، ويأخذ قيلولةً تحت ظل السّوار.. وإنّي أحبّك.. لكن أخاف التّورط فيك، أخاف التّوحد فيك، أخاف التّقمص فيك، فقد علمتني التّجارب أن أتجنب عشق النّساء، وموج البحار.. أنا لا أناقش حبّك.. فهو نهاري ولست أناقش شمس النّهار أنا لا أناقش حبّك.. فهو يقرّر في أيّ يوم سيأتي.. وفي أيّ يومٍ سيذهب.. وهو يحدد وقت الحوار، وشكل الحوار.. دعيني أصبّ لك الشّاي، أنت خرافيّة الحسن هذا الصّباح، وصوتك نقشٌ جميلٌ على ثوب مرّاكشيه وعقدك يلعب كالطّفل تحت المرايا.. ويرتشف الماء من شفة المزهريّه دعيني أصبّ لك الشّاي، هل قلت إنّي أحبّك؟ هل قلت إنّي سعيدٌ لأنّك جئت.. وأنّ حضورك يسعد مثل حضور القصيده ومثل حضور المراكب، والذّكريات البعيده.. دعيني أترجم بعض كلام المقاعد وهي ترحب فيك.. دعيني، أعبّر عما يدور ببال الفناجين، وهي تفكّر في شفتيك.. وبال الملاعق، والسّكريه.. دعيني أضيفك حرفاً جديداً.. على أحرف الأبجديّه.. دعيني أناقض نفسي قليلاً وأجمع في الحبّ بين الحضارة والبربريّه. وإليكِ أفضل شعر حب وغزل قصير!
قصيدة ” أشهد أن لا امرأة إلا أنت “
- أشهدُ أن لا امرأة أتقنت اللعبة إلا أنت واحتملت حماقتي عشرة أعوام كما احتملت واصطبرت على جنوني مثلما صبرت وقلّمت أظافري ورتبّت دفاتري وأدخلتني روضة الأطفال إلا أنتِ .. أشهدُ أن لا امرأة تشبهني كصورة زيتية في الفكر والسلوك إلا أنت والعقل والجنون إلا أنت والملل السريع والتعلّق السريع إلا أنتِ .. أشهدُ أن لا امرأة قد أخذت من اهتمامي نصف ما أخذتِ واستعمرتني مثلما فعلت وحررتني مثلما فعلت أشهدُ أن لا امرأة تعاملت معي كطفل عمره شهران إلا أنتِ .. وقدمت لي لبن العصفور والأزهار والألعاب إلا أنتِ .. أشهدُ أن لا امرأة كانت معي كريمة كالبحر راقية كالشعر ودلّلتني مثلما فعلت وأفسدتني مثلما فعلت أشهد أن لا امرأة قد جعلت طفولتي تمتد للخمسين .. إلا أنت أشهدُ أن لا امرأة تقدر أن تقول إنها النساء .. إلا أنت وإن في سُرَّتِها مركز هذا الكون أشهدُ أن لا امرأة تتبعها الأشجار عندما تسير إلا أنتِ .. ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي إلا أنتِ .. أشهدُ أن لا امرأة اختصرت بكلمتين قصة الأنوثة وحرّضت رجولتي عليَّ إلا أنتِ .. أشهدُ أن لا امرأة تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال تحرقني .. تغرقني تشعلني .. تطفئني تكسرني نصفين كالهلال أشهدُ أن لا امرأة تحتل نفسي أطول احتلال وأسعد احتلال تزرعني ورداً دمشقياً ونعناعاً وبرتقال يا امرأة أترك تحت شَعرها أسئلتي ولم تجب يوماً على سؤال يا امرأة هي اللغات كلها لكنّها تلمس بالذِهْنِ ولا تُقال أيتها البحرية العينين والشمعية اليدين والرائعة الحضور أيتها البيضاء كالفضة والملساء كالبلور أشهدُ أن لا امرأة على محيط خصرها تجتمع العصور وألف ألف كوكب يدور أشهدُ أن لا امرأة .. غيرك يا حبيبتي على ذراعيها تربى أول الذكور وآخر الذكور أيتها اللّماحة الشفافة العادلة الجميلة أيتها الشهية البهية الدائمة الطفولة أشهد أن لا امرأة استقبلت بصدرها خناجر القبيلة واعتبرت حبّي لها خلاصة الفضيلة أشهدُ أن لا امرأة تخرج من سحب الدخان .. إن دخنت تطير كالحمامة البيضاء في فكري .. إذا فكرت يا امرأة ..كتبت عنها كتباً بحالها لكنّها برغم شعري كله قد بقيت .. أجمل من جميع ما كتبت أشهدُ أن لا امرأة إلا أنتِ .. إلا أنتِ .. إلا أنتِ ..
وفي الختام، إليكِ أجمل ما قيل عن الحب!