في ابتسامتها تحريض على الحياة، وفي صوتها زحمة البدايات المشرقة. في صمتها يستوطن الصخب، وفي عيونها شعب كامل لا يعرف الاستسلام.
منذ أن تستقبلك هالة كاظم عند باب مكتبها زاهي الألوان، حتّى يمدّك سلامها بطاقة إيجابية متجددة في ذاتها، وحتّى تكادي تقتنعين لأجزاء من ثواني الوقت أن للتفاؤل جسد ، وصوت ولهجة تتحدّث الإماراتية.
ليس في جعبتها سوى الحبّ؛ " أحبّي نفسك" شعارها، "كي يحبّك الآخرون" غايتها، و"حبّ الحياة" عدوى تنقلها لك من دون استئذان!
*هالة كاظم ، الفنانة التشكيلية الإماراتية ومطلقة مشروع "رحلة نحو التغيير" تخصّ ياسمينة بهذا اللقاء.
– تصرّين دائماً في إطلالاتك أن تسلّطي الضوء على مكانة العائلة في حياتك. فماذا قدّمت لك فعلياً، وما الذي تنوين تقديمه للعائلات الأخرى من خلال مشروعك؟
بالانطلاق من مسيرتي الشخصية، ما استطعت بلوغ ما أنا عليه اليوم لولا دعم زوجي وأولادي. فمهما كان مشروع المرأة ذو أسس قوية، لا تستطيع الوصول الى هدفها بالدرجات التي تتمناها وترسمها إن لم تلق من يدعمها خصوصاً أفراد عائلتها والقريبين منها.
فحين تشعرني بعض العقبات بالتعب، وتسوّل الي نفسي الانسحاب، هم أفراد عائلتي الذين يقفون الى جانبي لا بل يجعلونني أشعر أن فكرة العودة الى الوراء غير قابلة للنقاش لا بل غير واردة .
– "رحلة نحو التغيير" أخبرينا قليلاً عن مشروعك الذي أبصر النور في الـ2010، بالتطرق إلى دوافعه وغاياته. وكيف وصلت إليه علماً أنك فنانة تشكيلية ؟
"أهمّ الانجازات تولد في الأربعينات"، يوم سمعت أوبرا وينفري تقول هذا الكلام، تساءلت في نفسي عن فراغ الأربعينات التي كنت أعيشها، وشعرت أن صوتا داخليا يندهني لأسلك الطريق الذي يجيب إلى الشغف الذي يتآكل داخلي وما كنت أجد له منفساً.
"فرحلة نحو التغيير"، هي اللا متوقّع . إذ يمزج المشروع بين فكرة سهلة جداً ولكنّها غاية في العمق على حدّ سواء. فأنا هي الاماراتية الأولى التي تمزج المشي بالمشاورات والاستشارات الشخصية.
بعدما عشت التجربة بنفسي، واختبرت فاعليتها وكان يومها حين قطعت 100 كيلومتر في ممشى "ال كامينو سانتياغو" التاريخي في اسبانيا تبلورت أمامي الفكرة.
فخلافاً لما تربينا عليه، أنا أؤمن أنّه على المرأة واجب الاهتمام بنفسها، كي تستطيع الاهتمام بالآخرين. ففي بلداننا البطولة لمن تضحّي فقط، تعطي عائلتها وتهمل نفسها وهذا ما أراه محض الخطأ لأنك لا تستطيعين حبّ الآخرين الحصول على مشاعرهم المتبادلة ما لم تحبّي نفسك.
– ما هو مشروع "رحلة نحو التغيير" تقنياً؟
إضافةً الى ورشات العمل التي أنظّمها في دبي بشكل دوري، نقوم بـ3 الى 4 رحلات في السنة. نختار بلداً معيناً، نجوب في طبيعته سيراً على الأقدام لكيلومترات وساعات متتالية، نبتعد خلالها كلياً عن البزخ ومظاهر الترف، نختبر عادات البلد الذي يستضيفنا ونتذوّق أطباقه. ويتخلل النهار جلسات حوارية تركّز على ضرورة اهتمام المرأة بنفسها؛ فكرياً، نفسياً وجسدياً.
– ما الذي اكتشفته في المرأة العربية، خلال وجودك معها واحتكاكك بها عن قرب؟
ليس لأني امرأة اماراتية، ولكنّ هؤلاء النساء سحرنني! لم يأبهن الى السير في الطرق الوعرة، والنوم في أماكن متواضعة الفخامة رغم الحياة المريحة التي يعشنها في منازلهنّ. هنّ نساء مليئات بالطاقة الايجابية، متواضعات وطيبات إلى درجة بعيدة جداً.
– ما هو الهدف الذي جعلك تسخّرين مشروعاً كاملاً كي تتعلّم المرأة حبّ نفسها؟
أحزن كثيراً حين أرى امرأة محبطة، أعطت سنين عمرها ولا تجد من يقف الى جانبها وذلك كلّه لانّها إذ ما لم تُحبّ نفسها لن تجد من يحبّها، والاهتمام بها ليس من واجب أحد بل من واجبها هي.
– ما الذي تعلّمته بعد هذه المسيرة التي قطعت؟
تعلّمت احترام الآخرين لأشخاصهم، ودائماً ما أقول إنّ اعتقاداتنا لأنفسنا، ولكنّ أخلاقنا للناس. كما تعلّمت الوصول الى أهدافي على رغم العقبات.
وهذا الاندماج بالطبيعة الخضراء خلال رحلاتي بمفردي أو برفقة نساء المشروع، أعطاني الكثير من السلام الداخلي وأتاح لي إمضاء بعض الوقت مع "هالة" فاكتشفت في داخلي صفات لم أعرفها من قبل أهمّها أنني صبورة وأستطيع أن أكون أقرب صديقات نفسي.
– ما هو هدفك للأيام المقبلة؟
أن أتمكّن من مساعدة المرأة في كلّ العالم، ربّما الوصول الى كلّ امرأة عربية منتشرة في بقاع الأرض. وأقنع النساء اللواتي يعتقدن أن تغيير النفس يتطلّب الكثير من الكدّ والتّعب، أن الاستسلام للاكتئاب أكثر صعوبة!