تمرّ مرحلة الحداد التي نعيشها بمراحل تدرّجية طبيعية يعرّفها علم النّفس ويسمّيها إن يختلف وقعها بين شخص وآخر. فمثلاً مَن يعتاد في حياته على تقبّل الخسارة من أسهل الامور الى أصعبها، سيتقبّلأ ويتخطّى وطأة الموت بشكل عملاني أكثر ممَن يرزح تحت وطأة الضغوطات والمطبّات. أمّا المراحل لتخطّي حالة الموت فهي:
- الرّفض: بعد تلقّي الخبر المفجع، ستكون ردّة فعلنا الطبيعية الرّفض ونفي الامر، إنّ كان بالتعبير الكلامي، أو بالتصرّفات (الاتصالات الهاتفية، الرسائل القصيرة، دخول غرفة الراحل بحثاً عنه …) وكمرحلة أولى ردّة فعل هذه طبيعية وضرورية، ولكن المخيف حين لا نتخطّى هذه المرحلة وننغلق بين سلاسلها.
- الغضب: إنّ المرحلة الثانية، بعد الرّفض ستكون الغضب والثورة. وتتمثّل بشعور باللاعدالة واللاانصاف. والصّعب في تخطّي هذه المرحلة هو أن أحداً لا يملك أجوبة واضحة مباشرة تشفي غليل طارح الأسئلة. ولكن اهمّ ما في هذه الأمر هو تواجد الأحباب والأقارب حول الشخص المفجوع لمواساته واحتضانه واشعاره بالدّعم.
- الهروب بالخيال: وتتمثّل هذه المرحلة بالخطط التي يرسمها من خسر غالياً، فيما لو عاد الميت الى قيد الحياة وهنا يظنّ من حوله أنّه خسر توازنه العقليّ ولكن كلّ ما في الامر انّها واحجة من المراحل الطبيعية للتخطّي ولن تدوم طويلاً.
– الاكتئاب: بعد أشهر وأسابيع على الفاجعة يحصل أن نشعر او يشعر من خسر غالياً أو عزيزاً، بالوحدة بعد انشغال من حوله بحيواتهم الخاصّة، ويلمس الفراق والحقيقة في آن. ولكن اليه بالصّلاة قدر المستطاع واشغال نفسه بالدّراسة، القراءة، مشاهدة التلفاز أو الذّهاب الى منزل فيه أطفال للهو معهم اسراعاً في الوصول الى الرجلة الأخيرة وهي التخطّي.
– قبول الواقع: وهي المرحلة الأخيرة والأقرب الى استئناف الحياة بشكل شبه طبيعيّ. فالعواضف الكبيرة تكون مرّت والمراحل الصّعبة أصبحت من الماضي. ومن الطبيعي أن تخترق هذه المرحلة فترات من البكاء، أو الحزن المفاجئ، فالكرة في هذه المرحلة تبقى في ملعب الوقت.