أصبحت موضة أحذية الباليرينا تتصدر صيحات أحذية موضة صيف 2024 حيث شاهدنا الكثير من عروض الأزياء للموسم تقدّم تصاميم مختلفة تدور فكرتها حول عالم الرقصات الحالمة، والتي جاء معها موضة الباليرينا. وبعد تاريخ بدلة الرقص الشرقي حان وقت الحديث عن تاريخ هذه الصيحة.
وعادت هذه الموضة إلى الأضواء مرة أخرى بعد تجربة عصرها الذهبي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لتصاميم كلاسيكية وموديلات عصرية، لم نكن نتوقع أنها ستبدو بهذا الجمال مع الإطلالات العصرية في صيف 2024.
ونعود معكِ بالزمن إلى الوراء قليلاً لنسترجع تاريخ حذاء الباليرينا، وما جعله مميزاً يأخذ شكله الرائع ليصبح بعد ذلك موضة عصرية لجميع السيدات.
أحذية بوانت وبداية لحظات مميزة جعلت حذاء الباليه على ما هو عليه اليوم
تعتبر أحذية بوانت أو المعروفة باسم Pointe shoes، بقدرتها على الارتقاء بالراقصة بالمعنى الحرفي والمجازي إلى عالم فوق طاقة البشر، فهي الرمز النهائي لأثيرية راقصة الباليه وعملها الجاد، وبالنسبة للطلاب، يعد الحصول على أول زوج من أحذية بوانت بمثابة طقوس العبور لعالم البالييه الراقص، حيث تحمل الأحذية جاذبية غامضة تقريبًا فهي مصدر لا نهاية له من التقاليد والطقوس الخاصة بالرقص.
وبالحديث عن تاريخ أحذية بوانت كيف تحول النعال المرصع بدقة الذي تم تقديمه في عشرينيات القرن التاسع عشر إلى أداة تقنية توفر للراقصين أقصى درجات الحرية على خشبة المسرح اليوم.
البداية كانت مع التخلص من سليبر الباليه في ثلاثينيات القرن الثامن عشر
الجدير بالذكر أنه مع ظهور عروض الباليه في أوروبا، كان الراقصون يرتدون الأحذية ذات الكعب العالي بما يتماشى مع جمالية العصر، وذلك في ثلاثينيات القرن الثامن عشر، حيث كانت راقصة باليه أوبرا باريس ماري كامارجو هي أول من خلعت كعب حذائها، مما مهدت الطريق أمام النعال الناعم الذي نعرفه اليوم.
وكانت كامارجو هي النقطة الانتقالية بين الحذاء ذو الكعب العالي والحذاء البوانت الذي نعرفه اليوم، وتقول ليندا موراي، أمينة قسم جيروم روبينز للرقص في مكتبة نيويورك العامة للفنون المسرحية: “إن التخلص من سليبر الباليه سمح لكامارغو بأداء قفزات وحركات سريعة لم تكن ممكنة في الأحذية ذات الكعب العالي، مما أدى إلى توسيع مفردات الحركة لدى راقصات الباليه”، بحسب Pointe Magazine.
الطيران بأحذية الباليرينا في العروض الراقصة
في أواخر القرن الثامن عشر، اخترع تشارلز ديديلوت، وهو راقص باليه في أوبرا باريس تحول إلى مصمم رقصات، جهازًا سلكيًا يسمح للراقصين “بالطيران” على خشبة المسرح. رفع الجهاز الراقصين إلى أصابع أقدامهم قبل أن يطيروا، ويقول موراي: “قدم عرضه باليه Flore et Zéphire فكرة انعدام الوزن”. “من منظور تصميم الرقصات، هذه هي الفكرة الأولى لما يعنيه الرقص على بوانت.” وعلى صعيد آخر نشير إلى موضة الكروشيه التي تحولت من البطانيات وأغطية المناضد إلى أزياء عصريّة في صيف 2024
ظهور حذاء الباليرينا الستان مع المقدمة المربعة
في عام 1823، قدمت الراقصة الإيطالية أماليا بروغنولي حركات الباليه لجمهور الباليه، حيث ارتفعت حتى أطراف أصابع قدميها في مسرحية La Fée et le Chevalier لأرماند فيستريس، وكانت بروغنولي ترتدي نعالًا من الساتان ذات مقدمة شبه مربعة ومخيطة بشكل خفيف، وكان عليها استخدام ذراعيها وقدر واضح من الجهد للوقوف على أصابع قدميها. ومع ذلك، فقد ألهمت الراقصين الآخرين في ذلك الوقت، بما في ذلك ماري تاغليوني إحدى أشهر راقصات الباليه آنذاك، لممارسة هذه التقنية.
في عام 1832، أصبحت ماري تاغليوني أول من رقصت باليه في عرض كامل على حذاء بوانت عندما عرضت لأول مرة لا سيلفيد، والتي صممها والدها، فيليبو تاجليوني، وتقول إليزا جاينور ميندن، رئيسة قسم التصميم في شركة أحذية بوانت جاينور ميندن: “تحصل ماري تاغليوني على الفضل في تقديم هذا الشكل المميز لأحذية الباليرينا المصنوعة من الستان مع مقدّمة شبه مربعة”.
الأحذية الإيطالية تضع المعايير الإمبراطورية في سبعينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر
في وقت لاحق من القرن التاسع عشر، طور صانعو الأحذية الإيطاليون أحذية بوانت معززة بصناديق صلبة مصنوعة من أوراق الصحف ومعجون الدقيق وألواح اللصق، حيث تم تعزيز نعال الأحذية المصنوعة من الورق المقوى بالجلد.
وتقول ميندن: “كانت راقصات الباليه الإيطاليات قادرات على القيام بخطوات أكثر شجاعة على بوانت، بما في ذلك التوازنات المستدامة والدورانات المتعددة”، وسافر الراقصون الإيطاليون إلى روسيا، حيث كان الباليه يتمتع بشعبية كبيرة في البلاط الإمبراطوري.
إطلاق أول براند لأحذية الباليرينا على يد آنا بافلوفا مع بداية القرن العشرين
كانت راقصة الباليه الروسية الشهيرة آنا بافلوفا في أوائل القرن العشرين، تتمتع بمهارة عالية في الرقص، وكانت تبحث عن تصميم يدعم مهاراتها بشكل أكبر، إذ كانت تلاحظ أن البوانت لا يدعمها في حركاتها، لذا وضعت نعالًا جلدية داخل حذائها المدبب وقامت بتقوية الحذاء من الداخل للحصول على مزيد من الدعم.
وعندما قامت برحلتها الأولى إلى الولايات المتحدة في عام 1910، قامت بافلوفا بتجهيز شركتها بالأحذية التي صنعها صانع الأحذية في متروبوليتان أوبرا سلفاتوري كابزيو، وبذلك أطلقت أول علامة تجارية دولية لأحذية بوانت.
في حين ساعدت بافلوفا في جلب أحذية بوانت إلى العصر الحديث، إلا أن حذائها كان لا يزال يحتوي مقدمة مستديرة جدًا وضيقة، مما يجعلها أقل ثباتًا بكثير من تلك الموجودة اليوم. ومن الباليرينا إلى حذاء الـ Loafers القطعة الأساسية التي لا تتخلى عنها النجمات ومدونات الموضة؟
عشرينيات وثمانينيات القرن العشرين والبحث عن باليرينا أفضل لرقصة الباليه
طوال القرن التاسع عشر، كان الغرض الرئيسي من حذاء بوانت هو خدمة رقصة الباليه، وتمييز البشر عن الجنيات الخارقة للطبيعة، لكن في القرن العشرين خصوصاً مع ظهور فرق الباليه الورسيه بدأ هناك تعزيز لهذه الرقصة وما يتعلق بها باعتباره فن خالص، ولهذا كان هناك محاولات لتوسيع القيود المادية على الباليع، وأصبح هناك طلب على كل ما يختص بهذه الرقصة بما فيه الحصول على حذاء أقوى وأكثر دعماً، ومن هُنا جاءت فكرة التصميم المسطح أو مستطيل الشكل الذي نعرفه حتى الآن.
بُعد آخر لحذاء بوانت في تسعينيات القرن العشرين
في السنوات الأخيرة من القرن العشرين، ساعدت الأساليب العلمية في بناء وتدريب حذاء بوانت على التكيف مع متطلبات تصميم الرقصات المعاصرة، ففي عام 1993، أطلقت جاينور ميندن “إحدى أشهر الماركات العالمية الخاصة بأزياء الراقصين” حذاءًا مستوحى من قدرة امتصاص الصدمات الموجودة في الأحذية الرياضية، مما فتح الباب أمام مصممين آخرين لتجربة مواد حديثة لتحسين متانة الأحذية وملاءمتها.
كما أن الأبحاث الناشئة في طب الرقص جعلت البحث عن سلامة الراقصين أمر أساسي، حيث تقوم الدكتورة سو مايز، مديرة برنامج الصحة الفنية الرائد التابع لفرقة الباليه الأسترالية، بجمع بيانات عن جميع الشكاوى العضلية الهيكلية في الشركة، وتنصح بأن الملاءمة المناسبة للأحذية أمر بالغ الأهمية للحد من مخاطر الإصابة، وتقول: “تحتاج القدم إلى مساحة للتوسع والتقلص للسماح للحذاء بالتحرك بمرونة أكبر”.
جوارب أحذية البوانت تتماشى مع لون البشرة
في أوائل سبعينيات القرن الماضي، بدأ مسرح الرقص في هارلم في تخصيص الجوارب الضيقة والأحذية المدببة والأشرطة لراقصات الشركة بظلال من اللون البني لتتناسب مع لون بشرتهن.
وكان التأثير ثوريًا بالنسبة للباليه الكلاسيكي، فلم يبدأ مصنعو أحذية بوانت حتى وقت قريب في إطلاق ظلال تعكس ألوان البشرة المتنوعة لراقصات الباليه التي يرتدينها.
وأصدرت جاينور ميندن مجموعة من ظلال الساتان الشاملة في عام 2017، وفي العام التالي، حذت شركة Freed of London حذوها، بالتعاون مع شركة الرقص Ballet Black ومقرها لندن.
ومن هنا أصبح هناك العديد من الخيارات لشكل حذاء بوانت كي يكسر التصميم الذي عفا عليه الزمن منذ فترة طويلة ويجعل أحذية الباليه أكثر بساطة وترحيبًا للجميع.
حذاء الباليرينا لم يعد يرتبط برقصة البالية ليتحوّل لترند صيف 2025
أصبحت العديد من دور الأزياء العالمية تنتج تصاميم مختلفة مستوحاة من حذاء بوانت، تعتمد على تصميم حذاء الباليرينا الذي يجسد الروح الأنثوية لراقصات الباليه، على غرار دار سيلين Celine ومجموعتها Les Ballerines المصنوعة من الدينم، وتصاميم الأحذية النيود الباليرينا اللامعة من لوبوتان Christian Louboutin، و I Love Vivier Multistrap من روجر فيفييه Roger Vivier، وتصاميم LA BALLERINE من Maison Alaia، ليصبح الموديل قطعة أنيقة ورومانسية متواجدة في خزانة أي امرأة ولا تقتصر فقط على راقصات الباليه.
تجدر الإشارة ختاما إلى أننا كنا قد ذكرنا أنّ البايرينا هي ضمن قائمة أكثر 5 أحذية مريحة للسفر.