هل أصبحنا اليوم بفضل التسارع التقني والانفجار المعرفي وبفضل العولمة والتأثيرات الأخرى في غنى عن المبادئ والقيم النبيلة التي غذينا بها منذ نشأتنا ؟
إذا فكرتم أن تسألوا المؤرخين: «هل آداب الناس اليوم افضل او اسوأ مما كانت عليه في الماضي؟»، فقد يجيبكم بعضهم أن من الصعب مقارنة آداب فترات مختلفة من التاريخ. وربما يعتقدون أنه ينبغي أن يُحكم على كل عصر من خلال بيئته الخاصة. وإليكِ أهمية القيم الاخلاقية في حياتك المهنية والعاطفية.
العلاقة بين الجيل القديم والجيل الحالي
إن الجيل السابق يترك المجال للجيل الجديد وقد طرحت آراء جديدة وأسباب بأن الجيل السابق عليه أن يتغير ويغير من أساليبه وأفكاره، ابتداء من الدول وأنظمة الحكم إلى المؤسسات حتى تصل للبيت والأسرة،
لابد من خلق نوع من التوازن بين تطوير الشباب والاستعانة بأهل الخبرة لأن كليهما مطلوب للإدارة ولتطوير الأداء وإنجاز المهام.
جيل يتبعه جيل وجيل يسلم الأمانة للجيل الذي يأتي بعده ويليه، وأجيال تذهب وتبقى في الذكريات وأجيال تأتى ومعها الأمنيات، ويبقى بين هذه الأجيال خيوط وتواصل وارتباطات شئنا أم أبينا، وهناك بين الأجيال أمور ثلاث تسيطر أو سيطرت على العلاقة التاريخية بين جيلين مختلفين وتتفرع عنها أيضا الكثير من الأمور لكن نسلط الضوء على هذه الأمور الاساسية الثلاث، الأول: الاحترام المتبادل والحوار، ثانيا: قمع الجيل القديم للجيل الجديد، ثالثا: تجاهل كل منهما للآخر.

أمور تجمع الطرفين وأمور هي محل خلاف كبير
أولا: تجاهل كل منهما للآخر
هي أحد أسباب العلاقة السلبية بين الجيل السابق والجيل الحالي عند الكلام والدخول في النقاش عن إدارة المؤسسات، وهذا النوع حقيقةً فيه من السلبية الكثير.
فالجيل السابق الذي حقق الانجازات في أوانه لا يعجبه ما يحصل في الجيل الحالي من تدهور في المستوى والتخبط والنزاع والشقاق وغيره، وفي المقابل يهاجم الشباب وهم أصحاب ورواد الجيل الحالي أصحاب الجيل السابق ويقولون لهم أنكم تعيشون على الأطلال والذكريات، فالظروف اختلفت وغيرها من الاحتياجات لو تتوفر لنا الآن لحققنا أكثر ما حققه الجيل السابق، وهذا موجود وكل منهما يتجاهل الآخر ويهاجمه.
ثانيا: قمع الجيل القديم للجيل الحالي
وهذا أيضًا نلمسه من خلال عدم إعطاؤه فرصة في النقاش والتعبير والحوار، والتعامل معه بفوقية بحجة القول لهم بأنكم صغار ولا يحق لكم الكلام في الأمور التي تتعلق في مصير المؤسسة، بداعي عدم الخبرة وغيره من الجدل العقيم.
لذلك نجد الكثير من أصحاب الجيل القديم يستهزأ بالجيل الجديد وهذا مؤشر خطير في نسيج العلاقات، لأنه يسبب حقداً وكراهية للمدراء الكبار وقد تصل للمؤسسة بكاملها، حتى وإن كان الماضي مميزًا وجميلًا وكان فيه من الإنجازات الكثير، وكم شاهدنا ونشاهد نقاشات حصل فيها من المشادات الكثير بين الجيلين.

ثالثا: الاحترام المتبادل والحوار
علاقة الاحترام المتبادل بين الطرفين والحوار البنّاء، هدفه الحقيقي تقريب وجهات النظر بين جيلين مختلفين، وإيجاد قاسم مشترك، فتجد أصحاب الجيل السابق الذين عاصروا إنجازات كبيرة للمؤسسات يبينون الأسباب التي ساعدت أو أدت إلى وصولهم إلى ما وصلوا إليه من إنجازات مازالت في ذاكرة الجميع، ويتمنون من أصحاب الجيل الحالي دراسة هذه المرحلة والاستفادة منها. وتعرفي على أهمية الأخلاق في تصرفاتك اليومية
وفي نفس الوقت يتعاملون مع المرحلة الجديدة ومع شباب المرحلة بكل ود وحب ويعتبرون أن جيل الشباب هو امتداد طبيعي للجيل السابق، وفي نفس السياق نجد الجيل الحالي يفتخر في ما حققه أصحاب الجيل السابق ويتغنون بتلك الانجازات وأن مسؤوليتهم اليوم كبيرة بعد هذا الإرث الكبير والأمانة الثقيلة التي تركها لهم الآباء المؤسسون، وعليهم أن يرسموا خطط ورؤى جديدة للمحافظة على الانجازات السابقة بل وتحقيق إنجازات أكبر.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل صراع الجيلين هو ظاهرة صحية؟ قصدت من الصراع الجدل بين جيلين والبحث عن الصواب، وأين نجد الصواب وأين نجد الخطأ، وكيف نمد الجسور بين الأجيال، وتحويل الصراع إلى حوار هادئ شفاف، ووضع جميع الملفات على الطاولة وإظهارها وحصر نقاط الخلاف ودراستها، وتحويل الخلاف بكل شفافية إلى خطط عمل من شأنها أن تجعل الأجيال تنصهر في جيل واحد، ولنطلق عليه مثلاً جيل الأمل وسنفرد له بعض المساحة لأهميته.

جيل الأمل
جيل الأمل هو الجيل الماضي والجيل الحالي، هو جيل من عاصر الانجازات السابقة وجيل يريد أن يرتقى ويحقق ما حققه الجيل السابق بل وأكثر من ذلك، وهذا لاشك يحتاج لتعاون بين الطرفين تعاوناً إيجابياً وتحمل الجميع للمسؤولية… وربما يتساءل البعض كيف يلتقي جيل بفكر قديم مع جيل بفكر جديد؟ وهذا ربما يحصل بأمور منها:
- 1- الحوار: الحوار وليس غير الحوار هو ما يقرب بين وجهات النظر، والحوار يجب أن يكون مستندا على تفهم كل جيل للآخر.
- 2- الإخلاص: لا يختلف اثنان على إن كل محب للمؤسسة ومبادئ الإدارة يريد أن تكون المجموعة التي تعمل في الإدارة تتمتع بالإخلاص والشفافية وتكون بعيدة عن الشخصنة.
- 3- الجدية: يجب أن يكون كل شيء مطروح وبجدية وبعيدا عن الاستهزاء والسخرية وما نقصده النقد الايجابي لكل مرحلة. واكتشفي أفضل الأدعية للحفاظ على القلب النقي والأخلاق الحسنة
- 4- المؤسسة قبل كل شيء: أن يكون العمل والحوار بين هذه الأجيال يقدم المؤسسة على كل شيء وعلى كل أمر، وهذا لاشك، ما يتمتع به أغلبية موظفي المؤسسات والمهتمين بها ومستقبلها.