علم النفس العكسي هو مفهوم قديم في مجال عالم الأعمال، حيث تريد من شخص أن يفعل شيئاً ما، ولكنَّك متأكد من أنه لن يفعل ذلك الشيء حتى لو طلبته بأسلوب لطيف.
رغم أن الأمر قد يبدو مربكًا للوهلة الأولى، إلا أن علم النفس العكسي يعتمد على أسس متينة لعلم النفس وهو مفيد في مجموعة واسعة من السياقات، مثل الأبوة والأمومة أو الإعلان أو العلاقات الشخصية. وماذا تعرفين كنبذة عن تخصص علم النفس؟
ما هو علم النفس العكسي؟
علم النفس العكسي هو استراتيجية تتضمن إقناع شخص ما بفعل ما نريده من خلال جعله يعتقد أننا لا نريده أن يفعل ذلك. أي أنها أداة تسعى إلى التأثير على سلوك الآخرين عندما لا يمكن القيام بذلك بطرق أخرى أكثر مباشرة. في الأساس، يتعلق الأمر باستخدام علم نفس الاستثمار التقليدي لتحقيق الهدف المنشود.
الفكرة وراء علم النفس العكسي هي الاستفادة من ميل الإنسان إلى التمرد أو المقاومة عندما يُطلب منه ما يجب القيام به، وذلك من خلال تقديم الموقف بطريقة تتعارض مع رغباتنا الحقيقية.. ويرجع ذلك إلى ظاهرة أساسية: رد الفعل النفسي. نحن نتفاعل بطريقة معاكسة مع السلطة كآلية تمرد للمطالبة باستقلالنا وممارسة حريتنا. وعندما يتعرض هذا للتهديد، فمن الطبيعة البشرية أن تتفاعل مع هذا الحرمان بفعل عكس ما أمرنا به.
أحد الأمثلة البسيطة على علم النفس العكسي هو عندما يخبر أحد الوالدين ابنهم المراهق بأنه لا ينبغي له الدراسة من أجل اختبار مهم. يأمل الوالد أنه من خلال القيام بذلك، سيشعر الطفل بمقاومة طبيعية لاتباع نصيحته وسيختار بدلاً من ذلك الدراسة بمفرده. وهي استراتيجية تقوم على مبدأ رد الفعل العكسي، والذي يشير إلى ميل الناس إلى القيام بعكس ما يطلب منهم.
فعالية علم النفس العكسي في التأثير على السلوك
يستلزم علم النفس العكسي، باعتباره أسلوبًا للإقناع، تشجيع الأفراد على إظهار سلوك مختلف عن النتيجة المرجوة. يمكن أن يكون هذا النهج فعالاً بشكل خاص في السيناريوهات التي قد يُقابل فيها الإقناع المباشر بالمقاومة أو المعارضة. ومن خلال اقتراح مسار عمل معاكس.
قد يكون الأفراد أكثر ميلًا إلى تحدي الاقتراح والانخراط في النهاية في السلوك المرغوب على سبيل المثال، غالبًا ما يستخدم الآباء علم النفس العكسي مع أطفالهم من خلال الإشارة إلى أنهم غير قادرين على إكمال مهمة ما، مما يحفز الأطفال على إثبات خطأهم من خلال إنجاز المهمة. بهذه الطريقة، يمكن لعلم النفس العكسي الاستفادة من الظاهرة النفسية المتمثلة في رد الفعل، حيث يتصرف الأفراد ضد القيود المتصورة على حريتهم. وإليكِ افضل كتب علم النفس تجدينها في المكتبات السعودية.
أين يمكن تطبيق علم النفس العكسي؟
تم استخدام علم النفس العكسي في مجموعة متنوعة من السياقات على مر السنين. تتضمن بعض التطبيقات الأكثر شيوعًا ما يلي:
- نهضة الأطفال: غالبًا ما يستخدم الآباء علم النفس العكسي للتأثير على سلوك أطفالهم. على سبيل المثال، قد يخبرون الطفل بأنه لا ينبغي له أن يأكل الخضروات، على أمل أن يميل الطفل إلى القيام بذلك. ويمكن تطبيقه أيضًا في المواقف التي تريد فيها أن يتبع الطفل روتينًا أو قواعد معينة.
- الدعاية والتسويق: غالبًا ما تستخدم استراتيجيات التسويق علم النفس العكسي لجذب المستهلكين. ومن الأمثلة على ذلك إعلانات “العرض لفترة محدودة” التي تخلق إحساسًا بالإلحاح من خلال إيصال رسالة للمستهلكين مفادها أنه لا ينبغي لهم تفويت الفرصة. وستكون الرسالة الأساسية هي: “لا تشتره، ولكنه سوف يختفي قريبا”. والنتيجة هي عكس ما هو مقترح: شراء المنتج.
- العلاقات: يمكن استخدام علم النفس العكسي في العلاقات الشخصية للتأثير على سلوك الآخرين. على سبيل المثال، إذا أراد شخص ما أن يكون شريكه أكثر انتباهاً، فيمكنه إخباره أنه لا يحتاج إلى الاهتمام. وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة الاهتمام من الشريك.
- التفاوض والإقناع: في مواقف التفاوض، يمكن أن يكون علم النفس العكسي أداة فعالة. ومن خلال عرض الموقف بطريقة عكسية، من الممكن التأثير على الطرف الآخر للتوصل إلى اتفاق أكثر ملاءمة.
- المساعدة الذاتية والتحفيز: يمكن للناس أيضًا تطبيق علم النفس العكسي على أنفسهم للتغلب على المماطلة أو نقص الحافز. على سبيل المثال، إخبار نفسك بأنه لا ينبغي عليك مشاهدة التلفاز حتى تنتهي من مهمة مهمة يمكن أن يكون طريقة لاستخدام علم النفس العكسي لزيادة الإنتاجية.
- تيرابيا: في بعض السياقات السريرية، يمكن أن يكون علم النفس العكسي موردًا عمليًا لإيقاظ وعي المريض وتوجيه حياته نحو مسارات أكثر وظيفية. ولكن يجب أن يتم ذلك بحساسية ودقة كبيرتين. وسنراها لاحقاً في قسم مخصص لها. وإليكِ أبرز انواع الشخصيات في علم النفس.
حدود علم النفس العكسي
رغم أن علم النفس العكسي يمكن أن يكون استراتيجية فعالة في العديد من المواقف، إلا أنه لا يخلو من القيود والمخاطر. ولهذا السبب تم ذلك ومن الضروري توخي الحذر في استخدامه ومعرفة السياق والشخص الذي سيتم تطبيقه معه جيدًا. بعض أبرز القيود في علم النفس العكسي هي:
- عدم الفاعلية عند الأشخاص الواعين: الأشخاص الذين يدركون استراتيجية علم النفس العكسي قد يقاومونها أو ينظرون إليها على أنها وسيلة للتلاعب، والتي يمكن أن يكون لها تأثير معاكس لما هو مرغوب فيه. ولهذا السبب يتم استخدامه بشكل متكرر أكثر في السياقات التعليمية مع الأطفال، الذين ما زالوا يفتقرون إلى الوعي الكافي. أيضًا مع الأشخاص العنيدين والعنيدين جدًا.
- الارتباك وسوء الفهم المحتمل: يمكن أن يؤدي استخدام علم النفس العكسي إلى سوء الفهم أو الارتباك في التواصل، مما قد يؤدي إلى صراعات غير ضرورية في العلاقات بين الأشخاص.
- غير مناسب في جميع الحالات: علم النفس العكسي ليس مناسبًا لجميع المواقف. في بعض الحالات، يكون التواصل واضحًا ومباشرًا أكثر فعالية.
- خطر إتلاف العلاقات: الإفراط في استخدام علم النفس العكسي يمكن أن يضر بالعلاقات بين الأشخاص من خلال تقويض الثقة والتواصل الصادق. دعونا نتذكر أنها أداة يجب أن تكون مصممة جيدًا لتناسب الموقف المحدد الذي يتم تطبيقها فيه.
