تسعى العديد من المذيعات لإحداث تأثير كبير في المشهد الإعلامي، ولكن قليلات هنّ من يمتلكن القدرة على الجمع بين الطموح والإبداع والتواصل الحيّ مع المشاهدين. في هذا اللقاء الحصري، تلتقي “ياسمينة” بمذيعتَي شبكة “الجزيرة” روعة أوجيه وريتا خان، بالتزامن مع إطلاق برنامجيهما “ضحايا وأبطال” و”عن السينما” على منصة “الجزيرة 360″، التي تهدف إلى أن تكون رفيقاً دائماً للجيل الجديد، عبر محتوى متنوّع يلبي اهتماماتهم ورغباتهم ويواكب المتغيّرات.
نغوص مع ريتا وروعة في عمق تجربتيهما، استراتيجياتهما، وأهدافهما في تقديم محتوى جذّاب يتفاعل مع الأحداث ويوفّر تجربة إعلامية فريدة للمشاهدين. اكتشفي معنا في هذا الحوار كيف شكّل الإعلام جزءاً مهماً من حياتيهما، التحديات التي تصدّتا لها، وما ستقدّمان للمشاهدين من محتوى ينقل التجارب عبر منصة “الجزيرة 360”.
رحلة التحرّر من القيود
10 سنوات أمضتها الإعلامية روعة أوجيه في “قناة الجزيرة”، اختبرت خلالها العمل ضمن قيود فُرضت على المحطة بحكم أنها قناة إخبارية، معتبرةً أنها من المؤسسات التي تؤمّن مساحة واسعة من الحرية.
تشير روعة إلى أنه “لا مكان للبرامج الترفيهية على الشاشات الإخبارية، ولا مجال للمزاح فيها، فالبرامج رصينة وخاضعة لخوارزميات المنصات، وهو ما دفع القناة لإنشاء منصتها الخاصة، فهَمّها ليس إنتاج البرامج الترفيهية، بل أن رسالتها واضحة منذ انطلاقتها، وهي أن تكون صوت العالم الثالث بصوت العالم الثالث، وليس بصوت العالم الأول، فنحن نُخبر أخبارنا بصوتنا، ومن هذا المنطلق، حملت منصة “الجزيرة 360″ شعار مشاهدة بلا قيود”.
وتلفت الإعلامية ريتا خان، مقدّمة برنامج “عن السينما”، إلى أن منصة “الجزيرة 360” تمنح المشاهد نظرة بانورامية على محتوى متنوّع، وتنقل المُشاهد من أقصى الجدّ إلى أقصى الضحك، ففيها البرامج الترفيهية كما السياسية والاجتماعية، التي تتناول كافة الشرائح العمرية، وبالتالي، سيتابعها المشاهدون كلّ حسب إهتماماته وذوقه. وتضيف: “لا ننوي سرقة جمهور الشاشة، بل جئنا لنكملها، ففي المنصة أيضاً بثوث مباشرة لقنوات الجزيرة، وستوفّر محتوى باللغة الانكليزية في السنوات المقبلة. ووفقاً لهويتها الإعلامية، تلتزم “الجزيرة 360″ بتقديم محتوى يتماشى مع اهتمامات الجيل الجديد، مما يعزز تفاعلهم واندماجهم”.
أصعب لحظات “ضحايا وأبطال”
تسرد روعة حكايات مؤثرة عاشتها مع 12 بطلاً، كانوا ضحايا الحروب والأزمات… أطفال استضافتهم في برنامجها “ضحايا وأبطال” وحرصت على أن تختارهم مناصفةً بين الفتيان والفتيات، انطلقت رحلتها معهم من الموصل، مروراً بلبنان والصومال وتركيا، وصولاً إلى غزة التي غادرتها في 6 أكتوبر.
وبتأثّر شديد، روت لنا روعة ما صادفته من أوجاع وآلام وظلم بحق الطفولة خلال التصوير، لافتةً إلى أنها عانت من كوابيس مزعجة في تلك الفترة، موضحةً أن التحديات التي واجهتها لدى مقابلة الأطفال الذين مرّوا بتجارب صعبة كانت كثيرة، مشددةً أنها حرصت على عدم استغلال معاناتهم لأغراض إعلامية، وسعت للتوازن بين تقديم محتوى حساس وواقعي وبين الحفاظ على الأمل والروح الإيجابية في برنامجها.
وفي معرض الحديث عن كيفية تعاملها مع الانفعالات الشخصية أثناء مقابلة ضيوفها “الضحايا”، أكّدت روعة أنها انهارت أكثر من مرة، ولم تتمالك دموعها في كثير من الأحيان، وهو ما سيظهر جليّاً في بعض مشاهد البرنامج على المنصة، على عكس ما كان يحصل على التلفزيون، إذ كانت تُحذف المشاهد التي تبدو خلالها متأثرة، وفقاً لمعايير الشاشة التي تفرض على المذيعة بأن تضبط مشاعرها، قائلةً: “مشاعري كانت مقيّدة وتحرّرت الآن”.
وتشدّد روعة على حرصها على إيجاد الحلول العملية للحالات الإنسانية التي طرحتها في برنامج “ضحايا وأبطال”، المختلف عن كل ما قدّمته في مسيرتها الإعلامية، موضحةً: “شعرت خلاله التصوير بأن هناك إجراءات انتقامية ضد الأطفال”، مضيئةً على نجاح برنامجها في إدخال طفلة صومالية إلى ميتم برفقة شقيقتها، وسعيه لإبراز أوراق ثبوتية لطفل عراقي فقدَ والديه قبل 5 سنوات.
“عن السينما” في موسمه الجديد… جرأة الشكل والمضمون
بدورها، تسرد ريتا خان، كيف يمكن للمشاهدين تعزيز فهمهم لثقافات مختلفة من خلال اختيار الأفلام التي يشاهدونها، مشددةً على اعتمادها معايير تضمن تقديم تجربة غنية وشاملة لهم، مثمّنةً دور البرامج التلفزيونية والأفلام السينمائية في تعزيز التواصل الثقافي والتفاهم بين الشعوب.
وعمّا يميّز الموسم الجديد من برنامجها “عن السينما” الذي سيُعرض عبر منصة “الجزيرة 360″، ويهدف إلى رفع الوعي السينمائي لدى المشاهد، من خلال الحديث عن الصناعة بحد ذاتها، تشير ريتا إلى الجرأة، جرأة الشكل والمضمون، وحتى اللغة، فحلقات البرنامج التي عُرضت على مدى الأعوام الفائتة على شاشة التلفاز، كانت تراعي المعايير المحددة مسبقاً، وأبرزها التحدّث بطريقة رسمية، موضحةً: “لطالما أُلغيت بعض المشاهد من حلقاتي لمجرّد أن صوتي بدا فيها مرتفعاً”.
وتشير ريتا إلى أنها تحرّرت أخيراً، وتشعر اليوم بأنها قادرة على أن تُبدع أكثر بالمشاهد التمثيلية التي تؤديها في برنامجها، المبني على سرد قصص من وحي الأعمال السينمائية التي تتناولها، في إطار الموازنة بين تقديم محتوى ثقافي متنوع والحفاظ على جودة الترفيه في البرنامج، حيث تقدّم من خلال كل حلقة معلومة سينمائية جديدة للمُشاهد، بقالب ترفيهي لطيف. وحتى طريقة مخاطبتها للمشاهد اختلفت، فهي حالياً تخاطبه باللهجة البيضاء، ما يعزّز وصولها إلى شرائح أكبر من الجمهور.
صوت المرأة في الإعلام
وحول سعيهما لإبراز دور المرأة وتمكينها من خلال برنامجيهما، تشير روعة أوجيه إلى أن طاقم عمل برنامجها “ضحايا وأبطال” معظمه من النساء، مشيرةً إلى أن كل امرأة في الفريق تُجسّد القوة والإلهام، مردفةً: “نجاحنا هو نتيجةً لهذا التآزر الرائع، وحين صوّرنا حلقات البرنامج معاً في هذه الظروف الصعبة، خلقنا قوة لا يمكن تصوّرها، وسنُظهر للعالم أن النساء قادرات على تحقيق أي شيء”.
فيما تلفت ريتا خان إلى أنها سبق أن تناولت في أكثر من حلقة من برنامجها، دور المرأة في السينما، حيث أضاءت على مسيرة شخصيات نسائية تركت بصماتها في أفلام ومسلسلات خالدة، مؤمنةً بأن الرجل يكمل المرأة، ومعاً يمكنهما بناء عالم أكثر عدلاً وتوازناً.