رها المحرق هي اول امراة سعودية تتسلق جبل افرست، ما يجعل منها مصدر إلهام للسيّدات الطموحات اللواتي لا يدعن عائقًا يقف أمام تحقيق أحلامهنّ. فهذا الإنجاز الذي حقّقته رها، يتطلّب إرادة قويّة، العامل الأهمّ لتحقيق الطموح.
سبق وأن أطلّت رها المحرّق في بثّ مباشر على انستغرام ياسمينة، شاركت فيه المتابعين تجربتها في ممارسة هذه الهواية، وجاوبت على أسئلة عدّة طرحها متابعو الصفحة. وقد تحدّثت إليها ياسمينة، حيث كشفت عن مسيرتها وإنجازاتها وتجربتها في هذه الهواية.
ما الذي ألهمكِ لتسلّق قمة جبل إفرست؟ وما أفضل ما اختبرته من خلال هذه التجربة؟
لقد أردت إثبات أنّ باستطاعتي تقرير مسار حياتي ومصيري، وقد تجلّت هذه الفكرة من خلال تسلّقي للجبال، ونجاحي لاحقًا بتسلّق القمم السبعة، ومن بينها قمة جبة إفرست. أفضل ما اختبرته من خلال هذه التجربة هو تمكّني من عيش أسلوب الحياة الذي أرغب به، حيث أحب المغامرات والمجازفات.
> "أكثر ما أنا فخورة به هو قدرتي على أن أكون من أريد، وعلى عيش حياتي كما آمنت، وأنا سعيدة بالفرص التي أتاحت لي اختبار تجارب رائعة والتعرف على أفراد جدد."
بم شعرت فور نجاحكِ بالوصول إلى قمّة إفرست؟
إنّه من أكثر الأسئلة التي توجّه لي، ولكنني حقًا أجد صعوبة في تفسير ذلك إذ روادني وقتها شعورين متناقضين. ففي الوقت نفسه شعرت بالعظمة لأنني كنت أقف في نقطة عالية جدًا من عجائب العالم وحققت الحلم الذي عملت جاهدة لإنجازه، ولكن شعرت في الوقت نفسه بأنّني صغيرة جدًا، فأنا أقف في نقطة عالية وأي نسمة هواء قوية قد تؤدّي إلى سقوطي وربّما لوفاتي. إنه شعور غريب جدًا لا يمكن وصفه.
> "الشجاعة هي كلّ ما نحتاجه لنطارد أحلامنا ونحقّقها."
لقد بدأت بتسلّق الجبال في عمر الـ 25 عندما يقرّر المرء في العادة الاستسلام، فكيف اكتشفت هذا الطموح؟
في الوقت الذي كانت فيه معظم الفتيات تخترن فساتين زفافهنّ، كنت أنا أختار أحذية تسلّق الجبال، ولكن هذه الهواية لم تكن تتعلّق بالطموح، إنّما بالتعبير عن الذات. أردت أن أقوم بأمر يخصّني وأن أعبّر عن نفسي بطريقة لم أكن أملك الشجاعة لأقوم بها سابقًا. الزواج هو من أهمّ القرارات في الحياة ولكنني لم أكن جاهزة لذلك بعد، وقد أردت خوض مغامراتي لأكتشف من أنا حقًّا قبل أن أستقرّ. لقد أردت فقط أن أكون قادرة على الاختيار، وأنا سعيدة جدًّا بهذا القرار الذي اتّخذته وقدرتي على اختبار الأمور التي علّمتني من أنا وفتحت عيني أكثر لما أريده في الحياة. لذا أجل، إنّه موقف مضحك، أهلي كانوا ينصحوني بالزواج وأنا أتكلّم في المقابل عن تسلّق الجبال!
أخبرينا عن تعاونكِ مع Carolina Herrera.
تعاوني مع Carolina Herrera هو شرف كبير بالنسبة لي، فأنا أعشق تصاميمها المفعمة بالأناقة وقد كنت سعيدة جدًّا لاختياري لأشارك في الحملة. تعاون المرء مع علامة رائدة أمر يضعه تحت الأضواء، وهي فرصة رائعة لي لأصل أكثر إلى قلوب الناس وعقولهم. فقد يرى أحد ما سيرتي الذاتية ويفكّر أنني مجرد متسلّقة جبال ولن يكون مهتمًا بالغوص أكثر في مسيرتي، ولكن مشاركتي في حملة كارولينا هيريرا ستصلني بعدد أكبر من الجمهور. أريد أن أكون مصدر وحي ليس فقط للفتيات أمثالي، إنّما أيضًا للواتي لا يشبهنني.
> "أريد أن ألهم غيري بأقصى قدر ممكن، وتعاوني مع كارولينا هيريرا يخلق لي فرصة مثالية لتحقيق ذلك."
المرأة السعودية معرّضة للكثير من العادات والتقاليد، فكيف تمكنتِ من تخطّي ذلك؟
أنا سعيدة جدًّا لتواجدي في السعودية في هذه الفترة، فهناك الكثير من الأمور التي تتغير وتتطوّر، ومن أهمّها التقاليد والقوانين والقواعد. السعودية التي كبرت فيها ليست ذاتها الآن، إذ تطوّرت ونمت مع هذا التطور الكثير من المواهب. أنا معجبة جدًّا بواقع أنّنا لسنا مجبرين على الاختيار بين أحلامنا وطموحنا والتقاليد المفروضة علينا. بالنسبة لي، مع السنوات كلّ شيء تطوّر من أحلامي والتقاليد والقواعد، وأفضل طريقة لتخطّيها هو العمل سويًا والقيام بالأمور بحبّ وسلام ونيّة طيّبة، حينها العالم يتقدّم.
إلى جانب إفرست، كم جبلًا تسلّقت حتّى الآن؟
للأسف لا أستطيع أن أعطي جوابًا دقيقًا على هذا السؤال، فأنا لا أتذكّر عددها! فقد شاركت في 14 رحلة استكشافية في القارات السبعة، وحقّقت حوالي 12 رقمًا قياسيًّا عالميًّا من بينها تسلّق 7 قمم. في الحقيقة لا أحصي عدد الجبال التي أتسلّقها، فهي جميعها مميزة بالنسبة لي وكلّ منها يختلف عن الآخر ولكن يمكنني أن أخبركم عن تسلّق الجبال ذي القمة الأعلى في كل قارة. جبل إفرست في آسيا، جبل Vinson في أنتاركتيكا، كليمانجارو في أفريقيا، Kosciuszko في أستراليا، Aconcagua في أميركا الجنوبية، Denali في أميركا الشمالية وElbrus في أوروبا.
> "أنا سعيدة جدًا لتسلقي هذه الجبال وتمكّني من استكشاف العالم بالطريقة التي يحلم بها الكثيرون."
ما هو أكثر إنجاز أنت فخورة به ولماذا؟
جوابي على هذا السؤال يصدم العالم، إذ أنّه لا يتعلّق بتاتًا بالجبال التي تسلّقتها. بل إنها اللحظة التي وصلت فيها إلى مطار جدّة الدوليّ، بعد عودتي من رحلة تسلّق جبل إفرست الذي أدّى إلى الكثير من التعليقات التي تنوعت بين الإيجابية والسلبية، ولذا كنت قلقة من ردّة فعل والدي. ولذا أجمل لحظة هي عند وصولي إلى المطار ورؤيتي وجه والدي الفخور، فهي لم يكن غاضبًا أو متوتّرًا، بل العكس كان فخورًا وسعيدًا، ورؤيتي له بهذه الطريقة جعلتني أشعر بأنني مميزة، فهو كان من أكثر الداعمين لي وأنا أقدّر ذلك جدًّا.
كيف كنتِ تقضين وقتكِ قبل فترة العزل المنزلي، وكيف تقضينه الآن؟
تخبرني صديقتي بأنّني من الناس القلائل الذين لا يندمون أبدًا، ذلك لأنّني زرت كلّ الأماكن التي لطالما أردت رؤيتها، واختبرت كلّ ما أردت تجربته. لذا، في فترة العزل المنزلي، لا أقول :"يا ليتني زرت هذه الأماكن" بل أقول "كم أشتاق لهذه الأماكن" وهذا شعور رائع. أنا أعيش حياتي كما يحلو لي، فأنا أذهب إلى أي مكان أريد وأرى من أريد، وإذا أردت شيئًا أعمل جاهدة للحصول عليه ولا أشعر أبدًا بالندم. أنا ممتنة جدًا بأنّني وأهلي بصحّة جيّدة وفي مكان آمن. إذا لم أستطع الخروج من المنزل، فهناك الكثير من الأمور التي يمكن ممارستها في المنزل. أنا أقوّي لغتي في الإسبانية، وعدت إلى ممارسة هواية الرسم، وأتواصل مع الأفراد، لذا أحاول قدر المستطاع إشغال نفسي والمحافظة على الأجواء الإيجابية.
ما أول شيء ستقومين به بعد انتهاء فترة العزل المنزلي؟
لدي قائمة طويلة بالأمور التي أريد القيام بها بعد مرور هذه الفترة، أولها زيارة عائلتي ومعانقة صديقاتي والذهاب إلى الشاطىء، فأنا اشتاق إلى صوت البحر والأمواج، والشعور بالرمال تحت قدمي وأشعة الشمس في عيني، وأتوق كثيرًا إلى ممارسة النشاطات في الخارج. هناك الكثير من الأماكن التي أريد أن أزورها فور انتهاء الحجر المنزلي.
ما هي نصائحكِ للمرأة لتتخطّى هذه الأزمة؟
أنا أنصح الرجال والنساء على حدّ سواء. ففي عالمي، قد نعلق بين الجبال من دون قدرتنا على التحكّم بما حولنا، وهذا ينطبق على فترة العزل المنزلي. الأمر الوحيد الذي يمكنكم التحكّم به هو السيطرة على المشاعر والتجاوب مع الظروف المحيطة، وقد يكون ذلك سهل القول إنما صعب التنفيذ. الوضع الذي نمرّ به ليس سهلًا أبدًا، ولكنني أذكّر نفسي يوميًّا بامتناني لما أنا عليه، إذًا علينا تقبّل أن في العالم أيام جيّدة وأخرى سيئة، ولكن علينا أن نبذل جهدنا لنجعل الأيام الجيدة هي الغالبة.
أنتِ مصدر إلهام لكثير من السيّدات، فماذا تقولين لهنّ؟
أوّلًا، شكرًا لاعتباري مصدر إلهام، أنا سعيدة بذلك وسأتذكر ذلك يوميًا. أقول للمرأة أنها قادرة على تحقيق أمور رائعة، فأنا لم أتخيّل يومًا أنّني سأصل لما أنا عليه اليوم وأخوض التجارب التي اختبرتها. أنصحها أن لا تخاف أبدًا من تحقيق أحلامها، ولا من طلب ما تريد، ولا من أن تكون مختلفة. لا تحاولي تغيير ما أنت عليه ولا تختبئي خلف المبادىء. أوجدي دائمًا طريقة لتجعلي أهلك حلفاء لكِ من خلال التفاهم، فهم لهم دور كبير في دعمك ومساعدتك بتحقيق طموحك.
ما هو الجبل الذي تخططين لتسلقه في الفترة المقبلة؟
ليس بالضرورة أن تكون الجبال من الصخور والجليد وعلى سطح الأرض، بل هناك أيضًا منها في داخلنا. بالنسبة لي، الجبل الاكبر الذي أريد تسلّقه، هو تخطّي ما نمرّ به راهنًا، فالكل عليهم أن يتسلقوا هذا الجبل لتخطّي الأزمة الصعبة والتعلم منها. علينا أن نتعلّم من الأخطاء، علينا أن نحارب قدر المستطاع لنتخطّى فترة انتشار فيروس كوفيد -19. بالنسبة لي، أريد أن أبذل جهدي لألهم الآخرين.
وبالمناسبة، شاركت رها المحرّق في حملة كارولينا هيريرا إلى جانب كلّ من الفارسة الكويتية يارا الهنيدي التي سبق وأن قابلتها ياسمينة، وأوّل راقصة باليه إماراتية عليا النيادي التي أخبرت ياسمينة عن مسيرتها في حديث معها.
